للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالُوا أَيْضًا إِنَّ النَّاذِرَ قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ قُرْبَةً عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ فَتَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ، قِيَاسًا عَلَى الْتِزَامِهِ مَا لَهُ أَصْلٌ فِي الْفُرُوضِ، وَالَّذِي هُوَ مَوْضِعُ إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ (١)

الْمَذْهَبُ الثَّانِي: يَرَى مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الْتِزَامُ أَيٍّ مِنْ هَذِهِ الْقُرَبِ بِالنَّذْرِ، وَلاَ يَصِحُّ النَّذْرُ بِهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (٢)

وَاسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِأَنَّ هَذِهِ الْقُرَبَ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْفُرُوضِ، فَلاَ يَصِحُّ الْتِزَامُهَا بِالنَّذْرِ، إِذِ النَّذْرُ إِيجَابُ الْعَبْدِ، فَيُعْتَبَرُ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، إِذْ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَى الإِْيجَابِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا إِيجَابَهُ فِي مِثْل مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَحْصِيلاً لِلْمَصْلَحَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنَّذْرِ، كَمَا أَنَّ هَذِهِ الْقُرَبَ لَيْسَتْ عَلَى أَوْضَاعِ الْعِبَادَاتِ فَلاَ يَصِحُّ الْتِزَامُهَا بِالنَّذْرِ (٣)

ج - نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ:

١٦ - نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ: الْتِزَامُ مَا نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ كَنَذْرِ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ نَذْرِ الْقَتْل، أَوِ الصَّلاَةِ فِي


(١) الْمَصْدَر السَّابِق.
(٢) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٤ ٢٨٦ - ٢٨٦٥، وَالدَّرّ الْمُخْتَار وَرَدّ الْمُحْتَارِ ٣ / ٦٧، وَرَوْضَة الطالِبين ٣ / ٣٠٣، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ٢٣٥.
(٣) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢٨٦٥، الاِخْتِيَار ٤ / ٧٧، وَالدَّرّ الْمُخْتَار ٣ / ٦٧، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ٢٣٥.