للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهَا، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ وَبِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ (١) فَقَدْ أَمَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِالْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَمَنِ الْتَزَمَ قُرْبَةً مِنَ الْقُرَبِ السَّابِقَةِ بِالنَّذْرِ فَقَدْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَ مِنْ ذَلِكَ.

وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِالْقِيَاسِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الشَّارِعَ قَدْ رَغَّبَ فِي هَذِهِ الْقُرَبِ وَحَضَّ عَلَى تَحْصِيلِهَا، وَالْعَبْدُ يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهِيَ بِمَثَابَةِ الْعِبَادَاتِ الْمَقْصُودَةِ (٢) .

وَأَضَافُوا: إِنَّ هَذِهِ الْقُرَبَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَصْلٌ فِي الْفُرُوضِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَصِحُّ الْتِزَامُهَا بِالنَّذْرِ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَلْزَمَ النَّاذِرُ نَفْسَهُ أُضْحِيَةً أَوْ أَوْجَبَ هَدْيًا أَوِ اعْتِكَافًا أَوْ عُمْرَةً، فَإِنَّ هَذِهِ يَصِحُّ الْتِزَامُهَا بِالنَّذْرِ اتِّفَاقًا، وَلَيْسَتْ مِنَ الْفُرُوضِ (٣)


(١) الْحَدِيثَانِ تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُمَا ف ٥.
(٢) نِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ٢٣٥، وَزَاد الْمُحْتَاجِ ٤ / ٥٠٩.
(٣) الْمُغْنِي ٩ / ٣.