للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ فِيهِ الضَّمَانَ (الدِّيَةَ) ، وَسَوَّى أَبُو الْخَطَّابِ بَيْنَ طَلَبِ الْغَوْثِ، أَوْ رُؤْيَةِ مَنْ يَحْتَاجُ لِلْغَوْثِ بِلاَ طَلَبٍ.

وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ ضَمَانَ، لأَِنَّهُ لَمْ يُبَاشِرِ الْفِعْل الْقَاتِل (١) .

حُكْمُ مَنْ أَحْجَمَ عَنْ إِجَابَةِ الْمُسْتَغِيثِ.

الاِسْتِغَاثَةُ عِنْدَ الإِْشْرَافِ عَلَى الْهَلاَكِ:

٢٤ - إِذَا اسْتَغَاثَ الْمُشْرِفُ عَلَى الْهَلاَكِ مِنَ الْجُوعِ أَوِ الْعَطَشِ وَجَبَتْ إِغَاثَتُهُ، فَإِنْ مُنِعَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى الْهَلاَكِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ رَأْيَانِ:

الأَْوَّل قَال بِهِ الْحَنَفِيَّةُ: لِلْمُسْتَغِيثِ أَنْ يُقَاتِل بِالسِّلاَحِ، إِنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُحَرَّزٍ فِي إِنَاءٍ، لِمَا وَرَدَ عَنْ الْهَيْثَمِ أَنَّ قَوْمًا وَرَدُوا مَاءً فَسَأَلُوا أَهْلَهُ وَاسْتَغَاثُوا بِهِمْ أَنْ يَدُلُّوهُمْ عَلَى بِئْرٍ فَأَبَوْا، فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ دَلْوًا فَأَبَوْا، فَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّ أَعْنَاقَنَا وَأَعْنَاقَ مَطَايَانَا قَدْ كَادَتْ أَنْ تُقْطَعَ، فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال لَهُمْ عُمَرُ: فَهَلاَّ وَضَعْتُمْ فِيهِمُ السِّلاَحَ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَهُمْ فِي الْمَاءِ حَقُّ الشَّفَةِ. فَإِذَا مَنَعَ الْمُسْتَغَاثُ بِهِمْ حَقَّ الْمُسْتَغِيثِينَ بِقَصْدِ إِتْلاَفِهِمْ كَانَ لِلْمُسْتَغِيثِينَ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ.

فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاءُ مُحَرَّزًا، فَلَيْسَ لِلَّذِي يَخَافُ الْهَلاَكَ مِنَ الْعَطَشِ أَنْ يُقَاتِل صَاحِبَ الْمَاءِ بِالسِّلاَحِ، بَل لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِغَيْرِ سِلاَحٍ، وَكَذَلِكَ فِي


(١) تكملة البحر الرائق ٨ / ٣٣٥، والدسوقي ٤ / ٢٤٢، ومغني المحتاج ٤ / ٥، وكشاف القناع ٦ / ١٥ ط الرياض، والمغني ٩ / ٥٨٠.