للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَفْعُ الزَّوْجِ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَى زَوْجَتِهِ وَعَكْسُهُ:

١٧٨ - لاَ يُجْزِئُ الرَّجُل إِعْطَاءُ زَكَاةِ مَالِهِ إِلَى زَوْجَتِهِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: هُوَ إِجْمَاعٌ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: لأَِنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مُشْتَرَكَةٌ، وَقَال الْجُمْهُورُ: لأَِنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ، فَيَكُونُ كَالدَّافِعِ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَحَل الْمَنْعِ إِعْطَاؤُهَا الزَّكَاةَ لِتُنْفِقَهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَأَمَّا لَوْ أَعْطَاهَا مَا تَدْفَعُهُ فِي دَيْنِهَا، أَوْ لِتُنْفِقَهُ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَلاَ بَأْسَ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْمَمْنُوعَ إِعْطَاؤُهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ، أَمَّا مِنْ سَهْمٍ آخَرَ هِيَ مُسْتَحِقَّةٌ لَهُ فَلاَ بَأْسَ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ أَيْضًا مِنْ كَلاَمِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ.

وَأَمَّا إِعْطَاءُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا زَكَاةَ مَالِهَا فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْمُنْذِرِ، إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِحَدِيثِ زَيْنَبَ زَوْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَفِيهِ أَنَّهَا هِيَ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى سَأَلَتَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَل تُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أَزْوَاجِهِمَا، وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حِجْرِهِمَا؟ فَقَال: لَهُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ (١) .


(١) حديث: " لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة ". أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٣٢٨ - ط السلفية) ومسلم (٢ / ٦٩٥ - ط الحلبي) .