للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ دَخَلاَ بِلاَ إِشْهَادٍ فُسِخَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ، وَحُدَّا فِي الْحَالَتَيْنِ، مَا لَمْ يَكُنِ النِّكَاحُ فَاشِيًّا. (١)

وَهُنَاكَ شُرُوطٌ وَتَفْصِيلاَتٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالإِْشْهَادِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (نِكَاحٌ) .

الإِْشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ:

٣٩ - لِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ الإِْشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ رَأْيَانِ:

أَوَّلُهُمَا: نَدْبُ الإِْشْهَادِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ. وَالإِْشْهَادُ عِنْدَهُمْ يَكُونُ عَلَى صِيغَةِ الرَّجْعَةِ أَوِ الإِْقْرَارِ بِهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَثَانِيهِمَا: وُجُوبُ الإِْشْهَادِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ بُكَيْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةً عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَاسْتَدَل الْفَرِيقَانِ عَلَى أَنَّ الإِْشْهَادَ مَطْلُوبٌ بِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} . (٢)

فَحَمَل الْفَرِيقُ الأَْوَّل الأَْمْرَ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ لاَ تَفْتَقِرُ إِلَى قَبُولٍ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى شَهَادَةٍ، كَسَائِرِ حُقُوقِ الزَّوْجِ، وَلأَِنَّهَا اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ وَهَذَا لاَ يَتَطَلَّبُ الإِْشْهَادَ. وَحَمَل الْفَرِيقُ الثَّانِي الأَْمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الأَْمْرِ. (٣)


(١) الحطاب والتاج والإكليل ٣ / ٤٠٨ - ٤١٠، وجواهر الإكليل ١ / ٢٧٥.
(٢) سورة الطلاق / ٢.
(٣) المغني ٧ / ٢٨٣ ط الرياض.