للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٣ - أَمَّا إِذَا شُرِطَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَدَمُ الْوَطْءِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحْنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ. أَمَّا بُطْلاَنُ الشَّرْطِ، فَلأَِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَيَتَضَمَّنُ إِسْقَاطَ حُقُوقٍ تَجِبُ بِالْعَقْدِ لَوْلاَ اشْتِرَاطُهُ، وَأَمَّا بَقَاءُ الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ، فَلأَِنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَعُودُ إِلَى مَعْنًى زَائِدٍ فِي الْعَقْدِ فَلاَ يُبْطِلُهُ؛ وَالْقَاعِدَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النِّكَاحَ لاَ يَبْطُل بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا يَبْطُل الشَّرْطُ دُونَهُ (١) . وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فَاسِدٌ وَالْعَقْدَ فَاسِدٌ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا (٢) .

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، فَقِيل: يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْل الدُّخُول وَبَعْدَهُ. وَقِيل: يُفْسَخُ قَبْل الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ، وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ (٣) .


(١) رد المحتار مع الدر المختار ٢ / ٢٩٥، وكشاف القناع ٥ / ٩٨، والهداية مع فتح القدير ٣ / ١٥٢، والفتاوى الخانية ١ / ٣٣١.
(٢) عقد الجواهر الثمينة ٢ / ٤٩، والقواين الفقهية ص٢٢٣.
(٣) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ٢ / ٢٣٨، والخرشي ٣ / ١٩٥، وتحرير الكلام في مسائل الالتزام ص٣٢٧، ٣٢٨، والذخيرة ٤ / ٤٠٥، ومواهب الجليل ٣ / ٤٤٥ - ٤٤٦.