للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (١) وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَل: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} . (٢) وَلاَ شَكَّ أَنَّ الَّذِي يَتْرُكُ تَنَاوُل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يَمُوتَ يُعْتَبَرُ قَاتِلاً لِنَفْسِهِ، وَمُلْقِيًا بِنَفْسِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، لأَِنَّ الْكَفَّ عَنِ التَّنَاوُل فِعْلٌ مَنْسُوبٌ لِلإِْنْسَانِ.

٩١ - وَلاَ يَتَنَافَى الْقَوْل بِالْوُجُوبِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ مَعَ قَوْله تَعَالَى: {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} لأَِنَّ نَفْيَ الإِْثْمِ فِي الأَْكْل عَامٌّ يَشْمَل حَالَتَيِ الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ، فَإِذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْوُجُوبِ عُمِل بِهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (٣) فَنَفْيُ الْجُنَاحِ عَنِ التَّطَوُّفِ، أَيِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، مَفْهُومٌ عَامٌّ قَدْ خُصِّصَ بِمَا دَل عَلَى وُجُوبِهِ أَوْ فَرْضِيَّتِهِ. (٤)

حَدُّ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ:

٩٢ - قَال أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ: مَعْنَى الضَّرُورَةِ فِي الآْيَاتِ خَوْفُ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ بِتَرْكِهِ الأَْكْل. وَقَدِ انْطَوَى تَحْتَهُ مَعْنَيَانِ:

(أَحَدُهُمَا) أَنْ يَحْصُل فِي وَضْعٍ لاَ يَجِدُ غَيْرَ الْمَيْتَةِ.

(وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا مَوْجُودًا، وَلَكِنَّهُ أُكْرِهَ


(١) سورة النساء / ٢٩.
(٢) سورة البقرة / ١٩٥.
(٣) سورة البقرة / ١٥٨.
(٤) الدر المختار بحاشية ابن عابدين ٥ / ٢١٥، والشرح الصغير ١ / ٣٢٣، ٣٢٤، وحاشية العدوي على شرح الخرشي على خليل ٢ / ٢٢٦، ونهاية المحتاج ٨ / ١٥٠، والمقنع ٣ / ٥٣٠.