للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَزَل وَأَقَامَ عَلَى الأَْرْضِ (١) .

وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْزِل لَوَقَعَ الْفَصْل بَيْنَ الإِْقَامَةِ وَالشُّرُوعِ فِي الصَّلاَةِ بِالنُّزُول، وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلأَِنَّهُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْقِيَامِ لِلصَّلاَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَهَيِّئٍ لَهَا. وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ إِقَامَةَ الرَّاكِبِ فِي السَّفَرِ بِدُونِ عُذْرٍ جَائِزَةٌ بِدُونِ كَرَاهَةٍ (٢) .

مَا يُكْرَهُ فِي الإِْقَامَةِ

١٦ - يُكْرَهُ فِي الإِْقَامَةِ: تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهَا الَّتِي سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهَا، وَمِمَّا يُكْرَهُ أَيْضًا: الْكَلاَمُ فِي الإِْقَامَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ إِذَا كَانَ كَثِيرًا، أَمَّا إِنْ كَانَ الْكَلاَمُ فِي الإِْقَامَةِ لِضَرُورَةٍ مِثْل مَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ، أَوْ حَيَّةً تَدِبُّ إِلَى غَافِلٍ، أَوْ سَيَّارَةً تُوشِكُ أَنْ تَدْهَمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إِنْذَارَهُ وَيَبْنِي عَلَى إِقَامَتِهِ.

أَمَّا الْكَلاَمُ الْقَلِيل لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَفِيهِ رَأْيَانِ:

الأَْوَّل: لاَ يُكْرَهُ بَل يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ الأَْفْضَل. قَال بِهَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ، (٣) فَالأَْذَانُ أَوْلَى أَلاَّ يَبْطُل، وَكَذَلِكَ الإِْقَامَةُ، وَلأَِنَّهُمَا يَصِحَّانِ مَعَ الْحَدَثِ، وَقَاعِدًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّخْفِيفِ.


(١) الأثر عن بلال رضي الله عنه: أذن بلال وهو راكب ثم نزل أخرجه البيهقي في سننه (١ / ٣٩٢ - ط دائرة المعارف العثمانية) وأعله بالإرسال.
(٢) ابن عابدين ١ / ٢٦، وبدائع الصنائع ١ / ٤١٣، ٤١٤، وكشاف القناع ١ / ٢١٦، ٢١٧، والمغني ١ / ٤٢٤ ط الرياض، والمجموع للنووي ٣ / ١٠٦، والحطاب ١ / ٤٤١.
(٣) حديث: " تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطبة ". أخرجه البخاري (٢ / ٤٠٧ - الفتح ط السلفية) ومسلم (٢ / ٥٩٦ - ط الحلبي) .