للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (١) ، وَالتَّأَسِّي: أَنْ تَفْعَل مِثْل مَا يَفْعَلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ.

أَمَّا الْفِعْل الْمُجَرَّدُ مِنَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى وُقُوعِهِ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ عَلَيْنَا اخْتِلاَفًا طَوِيلاً، فَمِنْ قَائِلٍ بِالْوُجُوبِ عَلَيْنَا، وَمِنْ قَائِلٍ بِالنَّدْبِ، وَمِنْ قَائِلٍ بِالإِْبَاحَةِ، وَمِنْ قَائِلٍ بِالتَّوَقُّفِ. (٢) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِفِعْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

٥ - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِفِعْل الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقَال الْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: هَذَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّهَا عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ فَلاَ يُتَصَوَّرُ التَّخْصِيصُ، لأَِنَّهَا غَيْرُ دَالَّةٍ عَلَى شَيْءٍ، وَقَال الْكَرْخِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَنْعِ إِذَا فَعَلَهُ مَرَّةً، لاِحْتِمَال أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ، أَمَّا إِذَا تَكَرَّرَ فَإِنَّهُ يُخَصَّصُ بِهِ الْعَامُّ بِالإِْجْمَاعِ (٣) .


(١) سورة الأحزاب / ٢١.
(٢) الفصول من الأصول ٣ / ٢١٥ وما بعدها، وحاشية البناني ٢ / ٩٦ وما بعدها، والتحصيل من المحصول تحقيق محيي الدين عبد الحميد ١ / ٤٣٦ وما بعدها والمستصفى للغزالي ٢ / ٢١٤ وما بعدها.
(٣) البحر المحيط ٣٣ / ٣٨٧ - ٣٨٩، وحاشية البنان على شرح المحلي على متن جمع الجوامع ٢ / ٣١، والمستصفى للغزالي ٢ / ١٠٦ - ١٠٧.