للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذَا عَجَزَ بَيْتُ الْمَال عَنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ:

١٦ - بَيَّنَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى حَالَةَ عَجْزِ بَيْتِ الْمَال عَنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ فَقَالاَ مَا حَاصِلُهُ: إِنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى بَيْتِ الْمَال ضَرْبَانِ:

الأَْوَّل: مَا كَانَ بَيْتُ الْمَال لَهُ مُجَرَّدَ حِرْزٍ، كَالأَْخْمَاسِ وَالزَّكَاةِ، فَاسْتِحْقَاقُهُ مُعْتَبَرٌ بِالْوُجُودِ، فَإِنْ كَانَ الْمَال مَوْجُودًا فِيهِ كَانَ مَصْرِفُهُ مُسْتَحَقًّا، وَعَدَمُهُ مُسْقِطٌ لاِسْتِحْقَاقِهِ.

الثَّانِي: مَا كَانَ بَيْتُ الْمَال لَهُ مُسْتَحِقًّا، وَهُوَ مَال الْفَيْءِ وَنَحْوِهِ، وَمَصَارِفُهُ نَوْعَانِ:

أَوَّلُهُمَا: مَا كَانَ مَصْرِفُهُ مُسْتَحَقًّا عَلَى وَجْهِ الْبَدَل، كَرَوَاتِبِ الْجُنُودِ، وَأَثْمَانِ مَا اشْتُرِيَ مِنَ السِّلاَحِ وَالْمُعِدَّاتِ، فَاسْتِحْقَاقُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِالْوُجُودِ، بَل هُوَ مِنَ الْحُقُوقِ اللاَّزِمَةِ لِبَيْتِ الْمَال مَعَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ. فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا يُعَجَّل دَفْعُهُ، كَالدَّيْنِ عَلَى الْمُوسِرِ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا وَجَبَ فِيهِ، وَلَزِمَ إِنْظَارُهُ، كَالدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ.

ثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ مَصْرِفُهُ مُسْتَحَقًّا عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَالإِْرْفَاقِ دُونَ الْبَدَل، فَاسْتِحْقَاقُهُ مُعْتَبَرٌ بِالْوُجُودِ دُونَ الْعَدَمِ. فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا وَجَبَ فِيهِ، إِنْ كَانَ مَعْدُومًا سَقَطَ وُجُوبُهُ عَنْ بَيْتِ الْمَال. ثُمَّ يَكُونُ - إِنْ عَمَّ ضَرَرُهُ - مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى يَقُومَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ كَالْجِهَادِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يَعُمُّ ضَرَرُهُ كَوُعُورَةِ طَرِيقٍ قَرِيبٍ يَجِدُ النَّاسُ غَيْرَهُ