للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أَعْمَال الْبِرِّ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْجَهْرِ، وَأَنَّ إِخْفَاءَ عِبَادَاتِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى مِنَ الْجَهْرِ بِهَا لِنَفْيِ الرِّيَاءِ عَنْهَا، بِخِلاَفِ الْوَاجِبَاتِ؛ لأَِنَّ الْفَرَائِضَ لاَ يَدْخُلُهَا الرِّيَاءُ، وَالنَّوَافِل عُرْضَةٌ لِلرِّيَاءِ (١) .

وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ أُمُورًا مِنْهَا: التَّلْبِيَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِهِ أَوْلَى مِنَ الْخُفْيَةِ عَلَى أَنْ لاَ يُفَرِّطَ فِي الْجَهْرِ بِهِ (٢) .

ثَانِيًا: الْخُفْيَةُ فِي السَّرِقَةِ:

٤ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْخْذَ عَلَى سَبِيل الاِسْتِخْفَاءِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ. فَقَدْ عَرَّفُوا السَّرِقَةَ بِأَنَّهَا: أَخْذُ الْعَاقِل الْبَالِغِ نِصَابًا مُحَرَّزًا مِلْكًا لِلْغَيْرِ لاَ شُبْهَةَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ (٣) .

وَمَعَ اخْتِلاَفِ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِ السَّرِقَةِ وَشُرُوطِهَا فَإِنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الأَْخْذُ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ، وَإِلاَّ لاَ يُعْتَبَرُ الأَْخْذُ سَرِقَةً، فَلاَ قَطْعَ عَلَى مُنْتَهِبٍ، وَلاَ عَلَى


(١) القرطبي ٣ / ٣٣٢، و٧ / ٢٢٤.
(٢) حاشية ابن عابدين ٢ / ١٧٥، وجواهر الإكليل ١ / ٢٥٦، والقليوبي ٢ / ١١٤.
(٣) الاختيار ٤ / ١٠٢، وابن عابدين ٣ / ١٩٢، والشرح الصغير للدردير ٤ / ٤٦٩، وحاشية الجمل ٥ / ١٣٩، ومغني المحتاج ٤ / ١٥٨، وكشاف القناع ٦ / ١٢٩، والمغني لابن قدامة ٨ / ٢٤٠.