للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعُمْرَةُ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا فَالأَْفْضَل تَعْجِيل التَّحَلُّل؛ لِئَلاَّ يَفُوتَ الْحَجُّ. وَذَلِكَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّ الْمُحْرِمِ الْمُحْصَرِ إِدْرَاكُهُ بَعْدَ الْحَصْرِ، أَوْ إِدْرَاكُ الْعُمْرَةِ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَيَجِبُ الصَّبْرُ (١) كَمَا سَبَقَ. وَأَطْلَقَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا " الْمُسْتَحَبُّ لَهُ الإِْقَامَةُ مَعَ إِحْرَامِهِ رَجَاءَ زَوَال الْحَصْرِ، فَمَتَى زَال قَبْل تَحَلُّلِهِ فَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ لإِِتْمَامِ نُسُكِهِ (٢) .

وَالْحَاصِل أَنَّ جَوَازَ التَّحَلُّل مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الإِْحْرَامِ، فَإِنِ اخْتَارَ الْمُحْصَرُ التَّحَلُّل تَحَلَّل مَتَى شَاءَ، إِذَا صَنَعَ مَا يَلْزَمُهُ لِلتَّحَلُّل، مِمَّا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

وَهَذَا الْحُكْمُ سَوَاءٌ فِيهِ الْمُحْصَرُ عَنِ الْحَجِّ، أَوْ عَنِ الْعُمْرَةِ، أَوْ عَنْهُمَا مَعًا، عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ (٣) .

التَّحَلُّل مِنَ الإِْحْرَامِ الْفَاسِدِ:

٢٩ - يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ الَّذِي فَسَدَ إِحْرَامُهُ - إِذَا أُحْصِرَ - أَنْ يَتَحَلَّل مِنْ إِحْرَامِهِ الْفَاسِدِ، فَإِذَا جَامَعَ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ جِمَاعًا مُفْسِدًا ثُمَّ أُحْصِرَ تَحَلَّل، وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِلإِْفْسَادِ، وَدَمٌ لِلإِْحْصَارِ، وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِسَبَبِ الإِْفْسَادِ اتِّفَاقًا هُنَا؛ لأَِنَّ الْخِلاَفَ فِي الْقَضَاءِ هُوَ فِي الإِْحْصَارِ بَعْدَ الإِْحْرَامِ الصَّحِيحِ.

فَلَوْ لَمْ يَتَحَلَّل حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الطَّوَافُ بِالْكَعْبَةِ، تَحَلَّل فِي مَوْضِعِهِ تَحَلُّل الْمُحْصَرِ، وَيَلْزَمُهُ ثَلاَثَةُ دِمَاءٍ: دَمٌ لِلإِْفْسَادِ، وَدَمٌ لِلْفَوَاتِ، وَدَمٌ


(١) شرح المنهاج وحاشية القليوبي ٢ / ١٤٧، والمهذب ٨ / ٢٤٢
(٢) المغني ٣ / ٣٥٩
(٣) بدائع الصنائع ٢ / ١٧٧، وتفسير القرطبي ٢ / ٣٥٤.