للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشْتِرَاطُ الْيَسَارِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ

١٢ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ لَوْ كَانَ مُوسِرًا.

وَقَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أَوْجَبْنَا الْفِدْيَةَ عَلَى الشَّيْخِ. . . وَكَانَ مُعْسِرًا هَل يَلْزَمُهُ إِذَا أَيْسَرَ أَمْ يَسْقُطُ عَنْهُ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الأَْصَحُّ هُنَا أَنَّهَا تَسْقُطُ وَلاَ يَلْزَمُهُ إِذَا أَيْسَرَ كَالْفِطْرَةِ، لأَِنَّهُ عَاجِزٌ حَال التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ، وَلَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا، وَقَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَنَّهُ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ الإِْفْطَارِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ، فَإِنْ لَمْ يَفْدِ حَتَّى مَاتَ لَزِمَ إِخْرَاجُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، قَال: لأَِنَّ الإِْطْعَامَ فِي حَقِّهِ كَالْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ إِذَا مَاتَا قَبْل تَمَكُّنِهِمَا مِنَ الْقَضَاءِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَإِنْ زَال عُذْرُهُمَا وَقَدَرَا عَلَى الْقَضَاءِ لَزِمَهُمَا، فَإِنْ مَاتَا قَبْلَهُ وَجَبَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُمَا مَكَانَ كُل يَوْمٍ مُدَّ طَعَامٍ، فَكَذَا هُنَا، وَإِلَى مِثْل هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالشَّيْخُ الْهِمُّ - أَيِ الْفَانِي - لَهُ ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ فَإِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنِ الإِْطْعَامِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ (١) ، قَال تَعَالَى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (٢) .


(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ١١٩، والمجموع ٦ / ٢٥٨، والمغني لابن قدامة ٣ / ١٤٠.
(٢) سورة البقرة / ٢٨٦.