للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْغَالِبَ عَلَى الْمَنَافِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأَْمْثَال، حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الأُْخْرَى الْقِيمَةُ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَنَّهُ يَجُوزُ رَدُّ الْمِثْل بِتَرَاضِيهِمَا (١) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي بَابِ الْقَرْضِ كَوْنَ مَحَل الْقَرْضِ عَيْنًا، وَلَكِنَّهُمْ أَقَامُوا ضَابِطًا لِمَا يَصِحُّ إِقْرَاضُهُ، وَهُوَ أَنَّ كُل مَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ صَحَّ إِقْرَاضُهُ، وَفِي بَابِ السَّلَمِ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَنَافِعِ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الأَْعْيَانِ (٢) ، وَعَلَى ذَلِكَ يَصِحُّ إِقْرَاضُ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَنْضَبِطُ بِالْوَصْفِ بِمُقْتَضَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِهِمْ (٣) .

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا:

١٦ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي اشْتِرَاطِ مَعْلُومِيَّةِ مَحَل الْقَرْضِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ لِيَتَمَكَّنَ الْمُقْتَرِضُ مِنْ رَدِّ الْبَدَل الْمُمَاثِل لِلْمُقْرِضِ، وَهَذِهِ الْمَعْلُومِيَّةُ تَتَنَاوَل أَمْرَيْنِ: مَعْرِفَةَ الْقَدْرِ، وَمَعْرِفَةَ الْوَصْفِ (٤) ، جَاءَ فِي


(١) الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية للبعلي ص ١٣١، وكشاف القناع ٣ / ٣٠٠.
(٢) روضة الطالبين ٤ / ٢٧، وأسنى المطالب وحاشية الرملي عليه ٢ / ١٢٣، والخرشي ٥ / ٢٠٣، والقوانين الفقهية ص ٢٨٠ (ط. الدار العربية للكتاب) .
(٣) وهناك قول للقاضي حسين حكاه عنه النووي وهو أنه لا يجوز إقراض المنافع؛ لأنه لا يجوز السلم فيها، (روضة الطالبين ٤ / ٣٣) .
(٤) روضة الطالبين ٤ / ٣٣ - ٣٤، ونهاية المحتاج ٤ / ٢٢٣، وتحفة المحتاج ٥ / ٤٤، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٢٥، والمبدع ٤ / ٢٠٥، وكشاف القناع ٣ / ٣٠٠.