للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ إِيذَاءُ أَهْلِهَا، وَهُوَ لَيْسَ نَفْيًا مِنَ الأَْرْضِ بَل مِنْ بَعْضِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {مِنَ الأَْرْضِ} (١) فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الْحَبْسُ؛ لأَِنَّ الْمَحْبُوسَ فِي حَقِيقَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْرَجِ مِنَ الدُّنْيَا.

وَقَدْ أُنْشِدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى:

خَرَجْنَا مِنَ الدُّنْيَا وَنَحْنُ مِنْ أَهْلِهَا

فَلَسْنَا مِنَ الأَْمْوَاتِ فِيهَا وَلاَ الأَْحْيَا

إِذَا جَاءَنَا السَّجَّانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ

عَجِبْنَا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا مِنَ الدُّنْيَا

وَبِهَذَا عَمِل عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حَبَسَ رَجُلاً وَقَال: أَحْبِسُهُ حَتَّى أَعْلَمَ مِنْهُ التَّوْبَةَ وَلاَ أَنْفِيهِ إِلَى بَلَدٍ يُؤْذِيهِمْ. (٢)

مَشْرُوعِيَّةُ الْحَبْسِ:

٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَبْسِ لِلنُّصُوصِ وَالْوَقَائِعِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِل عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُنْ أَحَدًا. (٣) وَاسْتَدَل الْمُثْبِتُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:


(١) سور المائدة / ٣٣.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ٤١٢، والمبسوط للسرخسي ٢٠ / ٨٨، ومناهج الطالبين للنووي بهامش حاشية القليوبي ٤ / ٢٠٠، والإنصاف للمرداوي ١٠ / ٢٩٨، والبحر الزخار للمرتضي ٥ / ١٩٩، وأحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٥٩٨، وروح المعاني للألوسي ٦ / ١٢٠، وتفسير القرطبي ٦ / ١٥٣.
(٣) أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن فرج ص ١١، وتبصرة الحكام لابن فرحون ٢ / ٢١٦.