للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ

٣٤ - اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ هُوَ الْجُمْلَةُ الَّتِي يُرِيدُ الْحَالِفُ تَحْقِيقَ مَضْمُونِهَا مِنْ إِثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ، وَتُسَمَّى جَوَابَ الْقَسَمِ.

وَيَجِبُ فِي الْعَرَبِيَّةِ تَأْكِيدُ الإِْثْبَاتِ بِاللاَّمِ مَعَ نُونِ التَّوْكِيدِ إِنْ كَانَ الْفِعْل مُضَارِعًا، (١) وَبِاللاَّمِ مَعَ قَدْ إِنْ كَانَ مَاضِيًا. (٢) يُقَال: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا. وَأَمَّا النَّفْيُ فَلاَ يُؤَكَّدُ فِيهِ الْفِعْل، بَل يُقَال: وَاللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا، أَوْ مَا فَعَلْتُ كَذَا. (٣)

فَإِذَا وَرَدَ فِعْلٌ مُضَارِعٌ مُثْبَتٌ لَيْسَ فِيهِ لاَمٌ وَلاَ نُونُ تَوْكِيدٍ اعْتُبِرَ مَنْفِيًّا بِحَرْفٍ مَحْذُوفٍ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} (٤) أَيْ: لاَ تَفْتَأُ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ قَال إِنْسَانٌ: وَاللَّهِ أُكَلِّمُ فُلاَنًا الْيَوْمَ، كَانَ حَالِفًا عَلَى نَفْيِ تَكْلِيمِهِ، فَيَحْنَثُ إِذَا كَلَّمَهُ؛ لأَِنَّ الْفِعْل لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لاَمٌ وَلاَ نُونُ تَوْكِيدٍ قُدِّرَتْ قَبْلَهُ (لاَ) النَّافِيَةُ.

هَذَا إِذَا لَمْ يَتَعَارَفِ النَّاسُ خِلاَفَهُ، فَإِنْ تَعَارَفُوا أَنَّ مِثْل ذَلِكَ يَكُونُ إِثْبَاتًا، كَانَ حَالِفًا عَلَى الإِْثْبَاتِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ،


(١) هذا إذا كان مستقبلا، فإن كان حاضرا أتى باللام من غير نون التوكيد نحو: أقسم بالله لأبغض كل منافق.
(٢) وقد يؤتى باللام وحدها نحو: أقسم بالله لفعلت كذا.
(٣) فإن قيل: لا فعلت كان الماضي بمعنى المضارع، أي للنفي في المستقبل.
(٤) سورة يوسف / ٨٥.