للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْل، لأَِنَّهُ لاَ يَتَصَوَّرُ رُجُوعُ الْمَنِيِّ، وَلأَِنَّ الْجَنَابَةَ فِي حَقِيقَتِهَا هِيَ: انْتِقَال الْمَنِيِّ عَنْ مَحَلِّهِ وَقَدْ وُجِدَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْغُسْل يُرَاعَى فِيهِ الشَّهْوَةُ، وَقَدْ حَصَلَتْ بِانْتِقَالِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ظَهَرَ.

فَإِنْ سَكَنَتِ الشَّهْوَةُ ثُمَّ أَنْزَل بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَوَّازِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.

وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ يَغْتَسِل، وَلَكِنْ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، وَهُوَ قَوْل الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ. (١)

وَلِتَفْصِيل مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (غُسْلٌ) .

اغْتِسَال الْمَرْأَةِ مِنْ الاِسْتِمْنَاءِ:

٧ - يَجِبُ الْغُسْل عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ أَنْزَلَتْ بِالاِسْتِمْنَاءِ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ حَصَل. وَالْمُرَادُ بِالإِْنْزَال أَنْ يَصِل إلَى الْمَحَل الَّذِي تَغْسِلُهُ فِي الاِسْتِنْجَاءِ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ جُلُوسِهَا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَبِهَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَدَا (سَنَدٍ) ، فَقَدْ قَال: إنَّ بُرُوزَ الْمَنِيِّ مِنَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ شَرْطًا، بَل مُجَرَّدُ الاِنْفِصَال عَنْ مَحَلِّهِ يُوجِبُ الْغُسْل، لأَِنَّ عَادَةَ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْ يَنْعَكِسَ إلَى الرَّحِمِ. (٢)


(١) الهندية ١ / ١٤، والخانية ١ / ٤٤، والرهوني ١ / ٢٤، والحطاب ١ / ٣٠٦، ٣٠٧، والمجموع ٢ / ١٤٠، ونهاية المحتاج ١ / ١٩٩، ٢٠٠، والمغني ١ / ٢٠٠ ط الرياض، وشرح المفردات ص ٤٢، ٤٣.
(٢) ابن عابدين ١ / ١٠٨، والخانية ١ / ٤٤، والدسوقي ١ / ١٢٦، ١٢٧، والخرشي ١ / ١٦٢، والحطاب ١ / ٣٠٧، والمجموع ٢ / ١٤٠، والإنصاف ١ / ٢٣١.