للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (١) الآْيَةَ وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَوْبَة، إِيَاس)

ب - الْقَوَدُ عَلَى مَنْ قَتَل شَخْصًا فِي الرَّمَقِ الأَْخِيرِ:

٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَتْ جِنَايَةٌ مِنْ شَخْصٍ، فَأَوْصَل إِنْسَانًا إِلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ إِبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ آخَرُ بِفِعْلٍ مُزْهِقٍ، فَالْقَاتِل هُوَ الأَْوَّل، وَيُعَزَّرُ الثَّانِي لأَِنَّهُ اعْتَدَى عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْل وُصُول الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِفِعْلٍ مُزْهِقٍ كَحَزِّ رَقَبَةٍ، فَالْقَاتِل هُوَ الثَّانِي، وَعَلَى الأَْوَّل قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ دِيَتُهُ.

وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَرْحُ الأَْوَّل يُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ لاَ مَحَالَةَ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِل إِلَى الرَّمَقِ الأَْخِيرِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ، فَضَرَبَ الثَّانِي عُنُقَهُ، فَالْقَاتِل هُوَ الثَّانِي أَيْضًا لأَِنَّهُ فَوَّتَ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، بِدَلِيل: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا جُرِحَ دَخَل عَلَيْهِ الطَّبِيبُ فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ صَلْدًا أَبْيَضَ (أَيْ يَنْصَبُّ) فَعَلِمَ الطَّبِيبُ أَنَّهُ مَيِّتٌ فَقَال: اعْهَدْ إِلَى النَّاسِ، فَعَهِدَ إِلَيْهِمْ وَأَوْصَى وَجَعَل الْخِلاَفَةَ إِلَى أَهْل الشُّورَى، فَقَبِل الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَهْدَهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى قَبُول وَصَايَاهُ (٢) .


(١) سورة الشورى / ٢٥.
(٢) حديث: " مقتل عمر " أخرجه البخاري (الفتح ٧ / ٦١ - ط السلفية) ، وأحمد (١ / ٤٢ ط الميمنية) وهو ملفق منهما.