للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُمُورِهِ، فَجَعْلُهُ وَصِيًّا فِي الْكُل أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ رَضِيَ بِتَصَرُّفِ هَذَا فِي الْبَعْضِ، وَلَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ أَصْلاً، وَعَلَى هَذَا: لَوْ أَوْصَى الأَْبُ إِلَى رَجُلٍ بِتَفْرِيقِ ثُلُثِ مَالِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ مَثَلاً، صَارَ وَصِيًّا عَامًّا عَلَى أَوْلاَدِهِ وَتَرِكَتِهِ، وَلَوْ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَإِلَى آخَرَ بِتَنْفِيذِ وَصَيِّتَةِ، كَانَا وَصِيَّيْنِ فِي كُل شَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. (١)

حُكْمُ عُقُودِ الْوَصِيِّ وَتَصَرُّفَاتِهِ:

١٤ - الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ فِي عُقُودِ الْوَصِيِّ وَتَصَرُّفَاتِهِ: أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَيَّدٌ فِي تَصَرُّفِهِ بِالنَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ لِمَنْ فِي وِصَايَتِهِ، وَعَلَى هَذَا لاَ يَكُونُ لِلْوَصِيِّ سُلْطَةُ مُبَاشَرَةِ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا كَالْهِبَةِ، أَوِ التَّصَدُّقِ، أَوِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، فَإِذَا بَاشَرَ الْوَصِيُّ تَصَرُّفًا مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كَانَ تَصَرُّفُهُ بَاطِلاً، لاَ يَقْبَل الإِْجَازَةَ مِنْ أَحَدٍ، وَيَكُونُ لَهُ سُلْطَةُ مُبَاشَرَةِ التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ نَفْعًا مَحْضًا، كَقَبُول الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ، وَالْكَفَالَةِ لِلْمَال. وَمِثْل هَذَا: التَّصَرُّفَاتُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالإِْجَارَةِ وَالاِسْتِئْجَارِ وَالْقِسْمَةِ وَالشَّرِكَةِ، فَإِنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبَاشِرَهَا، إِلاَّ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ صَحِيحَةً.

هَذَا مُجْمَل الْقَوْل فِي عُقُودِ الْوَصِيِّ وَتَصَرُّفَاتِهِ، أَمَّا تَفْصِيل الْقَوْل فِيهَا فَهُوَ كَمَا يَأْتِي:

أ - يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَمْوَال مَنْ فِي وِصَايَتِهِ، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ، مَا دَامَ الْبَيْعُ أَوِ الشِّرَاء بِمِثْل الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، وَهُوَ مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ عَادَةً؛ لأَِنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ لاَ بُدَّ مِنْ حُصُولِهِ فِي الْمُعَامَلاَتِ الْمَالِيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَتَسَامَحْ فِيهِ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى


(١) حاشية ابن عابدين ٦ / ٧٢٣، الاختيار لتعليل المختار ٥ / ٦٩.