للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذْ قَال فِي رَجُلٍ قَال: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى الْكَعْبَةِ لِلَّهِ. هَذَا نَذَرَ فَلْيَمْشِ، وَقَال بِمِثْل قَوْلِهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَحَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ (١) .

وَقَال أَصْحَابُ هَذَا الاِتِّجَاهِ: إِنَّ عَدَمَ ذِكْرِ لَفْظِ النَّذْرِ فِي الصِّيغَةِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي لُزُومِ النَّذْرِ إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِالأَْقَاوِيل الَّتِي مَخْرَجُهَا مَخْرَجُ النَّذْرِ النَّذْرَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِلَفْظِ النَّذْرِ (٢) .

وَقَالُوا كَذَلِكَ: إِنَّ مَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ النَّذْرِ، فَإِنَّ لَفْظَةَ " عَلَيَّ " فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ لِلإِْيجَابِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا قَال عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ قَال: هُوَ عَلَيَّ نَذْرٌ (٣) .

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: يَرَى مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ النَّذْرَ لاَ يَنْعَقِدُ إِلاَّ إِذَا صَرَّحَ فِي صِيغَتِهِ بِلَفْظِ النَّذْرِ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْقَاسِمِ


(١) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢٨٦٢، ٢٨٦٩، ٢٨٧٤، وَمَوَاهِب الْجَلِيل ٣ / ٣١٧ - ٣١٨، وَبِدَايَة الْمُجْتَهِدِ ١ / ٤٢٢، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٣ / ٣٣٣، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ٠ ٢٢ - ٢٢١، وَزَاد الْمُحْتَاجِ ٤ / ٤٩٢، وَالْمُغْنِي ٩ / ٣٣، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٦ / ٢٧٣.
(٢) مَوَاهِب الْجَلِيل ٣ / ٣١٨ وَبِدَايَة الْمُجْتَهِدِ ١ / ٤٢٢.
(٣) الْمُغْنِي ٩ / ٢٤.