للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّتَابُعَ كَانَ لِلْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ؛ لاَ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ (١) .

وَقَالُوا كَذَلِكَ: إِنَّ النَّاذِرَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّذْرِ صِيَامًا مُتَتَابِعًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّتَابُعُ لِضَرُورَةِ تَجَاوُرِ الأَْيَّامِ؛ لأَِنَّهُ إِنْ نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ مَثَلاً كَانَتْ أَيَّامُ الشَّهْرِ مُتَجَاوِرَةً فَكَانَتْ مُتَتَابِعَةً، فَلاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَهُ، كَمَا لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، إِذْ لاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ قَضَاؤُهُ (٢) .

وَأَضَافُوا: إِنَّ وُجُوبَ التَّتَابُعِ فِي صِيَامِ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ إِنَّمَا كَانَ لِضَرُورَةِ تَعْيِينِ الْوَقْتِ الَّذِي يُصَامُ فِيهِ، وَلَمْ يَجِبِ التَّتَابُعُ بِالشَّرْطِ، فَلَمْ يُبْطِلْهُ الْفِطْرُ فِي أَثْنَائِهِ، كَشَهْرِ رَمَضَانَ (٣) .

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِالْمَعْقُول فَقَالُوا: إِنَّ النَّاذِرَ لَوْ أُلْزِمَ بِاسْتِئْنَافِ الصِّيَامِ لَوَقَعَ أَكْثَرُ الصِّيَامِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَمْ يُعَيِّنْهُ النَّاذِرُ، وَلَوْ أَتَمَّ صِيَامَهُ وَقَضَى مَا أَفْطَرَهُ لَكَانَ مُؤَدِّيًا أَكْثَرَ الصَّوْمِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَكَانَ هَذَا أَوْلَى (٤) .

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: يَرَى أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ لِلصَّوْمِ بِالنَّذْرِ، فَإِنَّ فِطْرَهُ يَقْطَعُ


(١) نهاية المحتاج ٨ / ٢٢٥، وزاد المحتاج ٤ / ٤٩٧.
(٢) رد المحتار ٣ / ٧١، وفتح القدير ٤ / ٢٧، وبدائع الصنائع ٦ / ٢٨٩٣.
(٣) روضة الطالبين ٣ / ٣١١، والمغني ٩ / ٢٩، والكافي ٤ / ٤٢٦.
(٤) بدائع الصنائع ٦ / ٢٨٩٣، والمغني ٩ / ٢٩.