للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَقْسَامُ الْمَوْتِ

٩ - الْمَوْتُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: حَقِيقِيٌّ، وَحُكْمِيٌّ، وَتَقْدِيرِيٌّ.

فَأَمَّا الْمَوْتُ الْحَقِيقِيُّ: فَهُوَ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ لِلْجَسَدِ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ وَالْيَقِينِ، وَيُعْرَفُ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَيَثْبُتُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَمَامَ الْقَضَاءِ.

وَأَمَّا الْمَوْتُ الْحُكْمِيُّ: فَهُوَ حُكْمٌ يَصْدُرُ مِنْ قِبَل الْقَاضِي بِمَوْتِ شَخْصٍ مِنَ الأَْشْخَاصِ - وَإِنْ كَانَ لاَ يَزَال حَيًّا - لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ يَقْتَضِي ذَلِكَ.

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: الْمُرْتَدُّ إِذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَصَدَرَ حُكْمُ الْقَاضِي بِلُحُوقِهِ بِهَا مُرْتَدًّا، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَيِّتًا مِنْ حِينِ صُدُورِ الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا يُرْزَقُ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ (١) ، وَقَدْ عَلَّل ذَلِكَ السَّرْخَسِيُّ بِقَوْلِهِ: لأَِنَّ الإِْمَامَ لَوْ ظَفِرَ بِهِ مَوَّتَهُ حَقِيقَةً، بِأَنَّ يَقْتُلَهُ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ بِدُخُولِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مَوَّتَهُ حُكْمًا، فَقَسَمَ مَالَهُ (٢) .

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْمَفْقُودُ (وَهُوَ الَّذِي يُعْمَى خَبَرُهُ، وَيَنْقَطِعُ أَثَرُهُ، وَلاَ يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ، وَلاَ تُدْرَى حَيَاتُهُ وَلاَ مَوْتُهُ) إِذَا حَكَمَ


(١) المبسوط للسرخسي ١٠ / ١٠٣، ١١ / ٢٣، ١٥ / ١٠٨.
(٢) المبسوط ١١ / ٣٨.