للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهَا، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلاَ حَاجَةَ إِلَى إِنْشَاءِ تَطْلِيقٍ، أَوِ الْحُكْمِ بِالتَّفْرِيقِ.

وَالْمُرَادُ بِالأَْشْهُرِ الأَْشْهُرُ الْقَمَرِيَّةُ، وَتَبْدَأُ مِنْ تَارِيخِ الْحَلِفِ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ. (١) وَيُنْظَرُ أَيْضًا مُصْطَلَحُ (أَجَلٌ) وَمُصْطَلَحُ (إِيلاَءٌ) .

إِعْذَارُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ:

٢١ - الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبَيِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، أَنَّ الزَّوْجَةَ لاَ حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً يَسْتَقِرُّ بِهَا الْمَهْرُ وَهَذَا فِي الْقَضَاءِ، وَأَمَّا دِيَانَةً فَلَهَا الْحَقُّ فِي كُل أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا أَجَلاً لِمَنْ آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْوَطْءَ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ. وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: لاَ يَجِبُ إِلاَّ أَنْ يَتْرُكَ لِلإِْضْرَارِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْمَوَّاقُ أَنَّ مَنْ وَاصَل الْعِبَادَةَ وَتَرَكَ الْوَطْءَ لَمْ يُنْهَ عَنْ تَبَتُّلِهِ، وَقِيل لَهُ: إِمَّا وَطِئْتَ أَوْ فَارَقْتَ. قَال مَالِكٌ: وَأَرَى أَنْ يُقْضَى بِذَلِكَ. قَال ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ كَانَ زَاهِدًا قَاضَتْهُ امْرَأَتُهُ، وَقِيل لَهُ: تَخْلُو مَعَهَا فِي كُل أَرْبَعِ لَيَالٍ لَيْلَةً، وَهُوَ قَسْمُ الْمَرْأَةِ مَعَ ضَرَائِرِهَا، قَال خَلِيلٌ: بِلاَ أَجَلٍ عَلَى الأَْصَحِّ. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ بِمِقْدَارِ أَجَل الإِْيلاَءِ.

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ (فِي حَادِثَةِ غَيْبَةِ أَحَدِ الْغُزَاةِ غَيْبَةً طَوِيلَةً عَنْ زَوْجَتِهِ) سَأَل حَفْصَةَ - زَوْجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنِ النِّكَاحِ؟ فَقَالَتْ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِل، فَنَادَى حِينَئِذٍ أَلاَّ تَزِيدَ غَزْوَةٌ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.


(١) ابن عابدين ٢ / ٥٤٥ وما بعدها.