للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَلَفِهَا فَيَزُول الضَّمَانُ، فَلَوْ أَوْدَعَهُ إِيَّاهَا مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ (١) .

قَطْعُ مُنْكِرِ الْعَارِيَّةِ:

مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لاَ قَطْعَ عَلَى مُنْكِرِ الْوَدِيعَةِ أَوِ الْعَارِيَّةِ أَوِ الأَْمَانَةِ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِهِمْ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الأَْخْذِ مِنْ حِرْزٍ. قَالُوا: وَلِحَدِيثِ: لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلاَ مُنْتَهِبٍ، وَلاَ مُخْتَلِسٍ، قَطْعٌ (٢) .

وَالْخَائِنُ هُوَ جَاحِدُ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا. وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ، عَدَمُ وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِمْ، إِلاَّ جَاحِدَ الْعَارِيَّةِ خَاصَّةً يَجِبُ قَطْعُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ سَارِقٌ؛ لِمَا وَرَدَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا (٣) .

قَال أَحْمَدُ: لاَ أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ. وَقَال الْجُمْهُورُ: فِي حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ هَذَا، إِنَّ أَكْثَر رِوَايَاتِهِ أَنَّهَا " سَرَقَتْ " فَيُؤْخَذُ بِهَا. وَيُحْتَمَل أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ وَتَجْحَدُ، وَكَانَتْ تَسْرِقُ فَقُطِعَتْ لَسَرِقَتِهَا لاَ لِجُحُودِهَا (٤)


(١) ابن عابدين ٤ / ٤٩٨، وتبصرة الحكام ٢ / ٥٣، ومنح الجليل ٣ / ٤٦٦، ٥١٠، ونهاية المحتاج ٦ / ١٣٠، والمغني ٦ / ٣٩٤ ط ثالثة.
(٢) حديث: " ليس على المنتهب ولا على المختلس ولا على الخائن قطع " أخرجه الترمذي (٤ / ٥٢ - ط الحلبي) وهو حديث صحيح لطرقه، وذكرها ابن حجر في التلخيص (٤ / ٦٥ - ٦٦ ط شركة الطباعة الفنية) .
(٣) حديث: " أن امرأة. . . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٣١٦ ط الحلبي) .
(٤) تبيين الحقائق ٣ / ٢١٦، نشر دار المعرفة بلبنان، ومنح الجليل ٣ / ٤٦٦، ٥١٠، وشرح المنهاج مع حاشية القليوبي ٤ / ١٩٤، وكشاف القناع ٦ / ١٢٩، والعدة على إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام ٤ / ٣٧١ - ط السلفية.