للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَرَدَ الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِلآْيَةِ: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ (١) حَيْثُ أَطْلَقَ الرَّضَاعَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا، وَلِحَدِيثِ كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا (٢) وَلَمْ يَسْتَفْصِل عَنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ (٣) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْقَوْل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ لاَ يُؤَثِّرُ فِي التَّحْرِيمِ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِل مِنَ الْقُرْآنِ (عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ) ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ (٤) .

وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّ نَسْخَ تِلاَوَةِ ذَلِكَ تَأَخَّرَ جِدًّا حَتَّى إِنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُ النَّاسِ لَمْ يَبْلُغْهُ نَسْخُ تِلاَوَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ نَسْخُ تِلاَوَتِهِ تَرَكُوهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُتْلَى مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهِ،


(١) حديث: " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " تقدم تخريجه ف / ٧.
(٢) حديث: " كيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ " أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ١٥٢ - ط السلفية) من حديث عقبة بن الحارث.
(٣) بدائع الصنائع ٤ / ٨، الفواكه الدواني ٢ / ٨٨، حاشية الدسوقي ٢ / ٥٠٢، كشاف القناع ٥ / ٤٤٥ - ٤٤٦، بداية المجتهد ٢ / ٣١.
(٤) حديث عائشة: " كان فيما أنزل من القرآن " أخرجه مسلم (٢ / ١٠٧٥ - ط الحلبي) .