للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقُّ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَى الرَّاهِنِ وَفَاءُ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ عِنْدَ الأَْجَل فَهَل لِلرَّاهِنِ أَنْ يَبِيعَ الشَّيْءَ الْمَرْهُونَ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ (١) .

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّاهِنَ حِينَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ الْمَرْهُونِ يُعْتَبَرُ كَالْمُوصِي حِينَ يُوصِي بِجَمِيعِ مَالِهِ، فَيَنْعَقِدُ تَصَرُّفُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ (٢) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ بَيْعَ الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ بَاطِلٌ.

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ (٣) وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ ضَرَرًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يُنَافِي حَقَّهُ، إِذْ أَنَّ حَقَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ، فَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فِيهِ إِضْرَارٌ بِهِ، وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ وَتَجِبُ إِزَالَتُهُ (٤) .


(١) الفتاوى الهندية ٣ / ١١٠ - ١١١، حاشية الطحطاوي على الدر المختار ٣ / ٨٦، وشرح الزرقاني على خليل ٥ / ١٩.
(٢) الجوهرة النيرة على مختصر القدوري ١ / ٢٣٣ الطبعة الأولى بالمطبعة الخيرية.
(٣) حديث: " لا ضرر ولا ضرار ". أخرجه أحمد (٤ / ٣١٠ / ٢٨٦٧ ط. دار المعارف) من حديث ابن عباس. وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
(٤) نهاية المحتاج ٣ / ٣٨٨ والمهذب / ٣١٠ - ٣١٢ والمغني ٤ / ٤٤٦.