للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عِيرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَل اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً (١) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الْحَدِيثِ: أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَمٌ، وَبِأَنَّ كُل مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا اسْتَحَقَّ الطَّرْدَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَاسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَفَّارَةً، وَلَوْ كَانَتِ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةً لَذَكَرَهَا لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لاَ يَجُوزُ (٢) .

وَبِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى بَعْضَ الصِّبْيَانِ بِالْمَدِينَةِ طَائِرًا، فَطَارَ مِنْ يَدِهِ، فَجَعَل يَتَأَسَّفُ عَلَى ذَلِكَ، وَرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ (٣) - اسْمُ ذَلِكَ الطَّيْرِ وَهُوَ طَيْرٌ صَغِيرٌ مِثْل الْعُصْفُورِ - فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْجَزَاءِ


(١) حديث: " المدينة حرم ما بين عير إلى ثور. . . ". أخرجه مسلم (٢ / ١١٤٧) من حديث علي بن أبي طالب.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٦ / ٣٠٧.
(٣) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بعض. . . ". أورده السرخسي (المبسوط ٤ / ١٠٥) والذي ورد في صحيح البخاري (فتح الباري ١٠ / ٥٨٢) ومسلم (٣ / ١٦٩٢، ١٦٩٣) أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على الصبي وعنده الطير، وزاد النسائي في عمل اليوم والليلة (ص٢٨٦) أنه دخل عليه وقد مات الطير.