للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا} (١)

قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحَل اللَّهُ فِي هَذِهِ الآْيَةِ الأَْكْل وَالشُّرْبَ مَا لَمْ يَكُنْ سَرَفًا أَوْ مَخْيَلَةً، فَأَمَّا مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ هُوَ مَا سَدَّ الْجَوْعَةَ وَسَكَّنَ الظَّمَأَ فَمَنْدُوبٌ إِلَيْهِ عَقْلاً وَشَرْعًا، لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ النَّفْسِ وَحِرَاسَةِ الْحَوَاسِّ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْوِصَال، لأَِنَّهُ يُضْعِفُ الْجَسَدَ وَيُمِيتُ النَّفْسَ وَيُضْعِفُ عَنِ الْعِبَادَةِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْهُ الشَّرْعُ وَيَدْفَعُهُ الْعَقْل. (٢)

وَالْمُضْطَرُّ فِي الْمَخْمَصَةِ الَّذِي لاَ يَجِدُ إِلاَّ مُحَرَّمًا كَالْمَيْتَةِ، أَوْ مَال الْغَيْرِ، وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْهَلاَكُ إِنْ لَمْ يَأْكُل مِنْ هَذَا الْمُحَرَّمِ، يَلْزَمُهُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الْهَلاَكَ لِقَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} (٣) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٤) عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي (مَخْمَصَةٌ) (وَمُضْطَرٌّ) (وَمَيْتَةٌ) .

وَالْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ شَرْعًا بِالْكَفِّ عَمَّا يُتْلِفُ الْحَيَاةَ أَوْ يَضُرُّهَا، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْتُلُوا


(١) سورة الأعراف / ٣١.
(٢) تفسير القرطبي ٧ / ١٩١.
(٣) سورة البقرة / ١٧٣.
(٤) سورة البقرة / ١٩٥.