للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّارِقُ لَمْ يُعْرَفْ بِشَرٍّ، سِتْرًا لَهُ وَإِعَانَةً عَلَى التَّوْبَةِ (١) . فَأَمَّا إِذَا وَصَل الأَْمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَالشَّفَاعَةُ فِيهِ حَرَامٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُِسَامَةَ - حِينَمَا شَفَعَ فِي الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ -: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ (٢) وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقِيَ رَجُلاً قَدْ أَخَذَ سَارِقًا، فَشَفَعَ فِيهِ، فَقَال: لاَ، حَتَّى أَبْلُغَ بِهِ الإِْمَامُ، فَقَال الزُّبَيْرُ: إِذَا بَلَغَ الإِْمَامَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ (٣) .

وَيَنْطَبِقُ نَفْسُ الْحُكْمِ عَلَى الْعَفْوِ عَنِ السَّارِقِ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ إِذَا لَمْ يُرْفَعِ الأَْمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ رُفِعَ إِلَيْهِ، لاَ يُقْبَل فِيهِ الْعَفْوُ. وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعَافُوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ (٤) .

وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَفْوَانَ - لَمَّا تَصَدَّقَ بِرِدَائِهِ عَلَى سَارِقِهِ -: فَهَلاَّ قَبْل أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ (٥) .


(١) الجامع لأحكام القرآن ٥ / ٢٩٥، نيل الأوطار ٧ / ٣١١.
(٢) حديث: " أتشفع في حد من حدود الله ". أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ٨٧ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٣١٥ - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(٣) المنتقى شرح الموطأ ٧ / ١٦٣.
(٤) حديث: " تعافوا الحدود فيما بينكم ". أخرجه النسائي (٨ / ٧٠ - ط المكتبة التجارية) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده حسن.
(٥) المبسوط ٧ / ١١١، المنتقى ٧ / ١٦٢ وما بعدها، تكملة المجموع ١٨ / ٣٣٣، المغني والشرح الكبير ١٠ / ٢٩٤، نيل الأوطار ٧ / ١٥٣. والحديث: " فهلا قبل أن تأتيني به ". أخرجه الحاكم (٤ / ٣٨٠ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وصححه ووافقه الذهبي.