للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج - وَبِأَنَّ الْقَرْضَ عَقْدٌ اجْتَمَعَ فِيهِ جَانِبُ الْمُعَاوَضَةِ وَجَانِبُ التَّبَرُّعِ، أَمَّا الْمُعَاوَضَةُ: فَلأَِنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ بَدَلٍ مُمَاثِلٍ عِوَضًا عَمَّا اسْتَقْرَضَهُ، وَأَمَّا التَّبَرُّعُ: فَلأَِنَّهُ يَنْطَوِي عَلَى تَبَرُّعٍ مِنَ الْمُقْرِضِ لِلْمُسْتَقْرِضِ بِالاِنْتِفَاعِ بِالْمَال الْمُقْرَضِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ، غَيْرَ أَنَّ جَانِبَ التَّبَرُّعِ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَرْجَحُ؛ لأَِنَّ غَايَتَهُ وَثَمَرَتَهُ إِنَّمَا هِيَ بَذْل مَنَافِعِ الْمَال الْمُقْرَضِ لِلْمُقْتَرِضِ مَجَّانًا؛ لأَِنَّهُ لاَ يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فِي الْحَال، وَلاَ يَمْلِكُهُ مَنْ لاَ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ، وَلِهَذَا كَانَ حُكْمُهُ كَبَاقِي التَّبَرُّعَاتِ مِنْ هِبَاتٍ وَصَدَقَاتٍ، فَتَنْتَقِل الْمِلْكِيَّةُ فِيهِ بِالْقَبْضِ لاَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَلاَ بِالتَّصَرُّفِ، وَلاَ بِالاِسْتِهْلاَكِ.

(وَالثَّانِي) لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَمْلِكُ الْقَرْضَ مِلْكًا تَامًّا بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَيَصِيرُ مَالاً مِنْ أَمْوَالِهِ، وَيُقْضَى لَهُ بِهِ (١) ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الشَّوْكَانِيُّ وَرَجَّحَهُ، وَحُجَّتُهُ أَنَّ التَّرَاضِيَ هُوَ الْمَنَاطُ فِي نَقْل مِلْكِيَّةِ الأَْمْوَال مِنْ بَعْضِ الْعِبَادِ إِلَى بَعْضٍ (٢) .

(وَالثَّالِثُ) لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ، وَهُوَ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ إِنَّمَا يَمْلِكُ الْمَال


(١) الخرشي ٥ / ٢٣٢، والبهجة شرح التحفة ٢ / ٢٨٨، وكفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه ٢ / ١٥٠، والشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه ٣ / ٢٢٦.
(٢) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار للشوكاني ٣ / ١٤٤.