للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كَالإِْكْلِيل. (١)

وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَجَعَلَهُ أَصْلاً، وَقَال: إِنَّ السُّنَّةَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ هِيَ الدُّعَاءُ فَقَطْ، مِنْ غَيْرِ صَلاَةٍ وَلاَ خُرُوجٍ.

وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَل ثُمَّ قَال: إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل أَنْ تَدْعُوَهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ. ثُمَّ قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَفْعَل مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِل عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَل مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغًا إِلَى حِينٍ. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَل فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّل إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ أَوْ حَوَّل رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَل عَلَى النَّاسِ، وَنَزَل فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُول، فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكُنِّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِزُهُ فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٍ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. (٢)


(١) فتح القدير ١ / ٤٣٧ ط بولاق. وحديث: " اللهم اسقنا غياثا مغيثا. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٢ / ٥٠٨، ٥٠٩، ٢١٢ - ط السلفية) .
(٢) نيل الأوطار للشوكاني ٤ / ٣ المطبعة العثمانية المصرية. وحديث: " إنكم شكوتم جدب دياركم. . . " أخرجه أبو داود عون المعبود (٢ / ٣٥٤ - ٣٥٥ - ط المطبعة الأنصارية) وقال: " إسناده جيد ".