للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَبْضِ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أُسْوَةً بِالْعَقْدِ الْبَاتِّ، فَهَذَا أَوْلَى، لأَِنَّهُ أَضْعَفُ مِنْهُ لِوُجُودِ شَرْطِ الْخِيَارِ. أَمَّا إِنْ كَانَ الْهَلاَكُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَقَدِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ، فَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْخِيَارِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مُطْلَقًا (١) . وَهُوَ بِمَثَابَةِ الْفَسْخِ لِلْعَقْدِ وَسُقُوطِ الْخِيَارِ تَبَعًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (٢) . أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فَيَرْبِطُونَهُ بِمَسْأَلَةِ انْتِقَال الْمِلْكِ، فَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَفْتَرِقُ بَيْنَ كَوْنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي - فَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ - فَإِذَا هَلَكَ لَمْ تُمْكِنُ الْمُبَادَلَةُ عَلَيْهِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَيَبْطُل الْخِيَارُ. أَمَّا إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَالْهَلاَكُ فِي عِدَادِ مُسْقِطَاتِ الْخِيَارِ الَّتِي يَلْزَمُ بِهَا الْعَقْدُ لأَِنَّهُ عَجْزٌ عَنِ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ حِينَ أَشْرَفَتِ السِّلْعَةُ عَلَى الْهَلاَكِ. وَالشَّافِعِيَّةُ يَقُولُونَ: إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، لأَِنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا مَعًا، فَلاَ أَثَرَ لِلْهَلاَكِ عَلَى الْعَقْدِ أَوِ الْخِيَارِ إِنَّمَا تَتَأَثَّرُ تَصْفِيَةُ هَذَا الْعَقْدِ، فَإِنِ اخْتَارَ صَاحِبُ الْخِيَارِ الإِْمْضَاءَ فَالْوَاجِبُ هُوَ الثَّمَنُ وَإِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ فَالْوَاجِبُ رَدُّ الْمِثْل أَوِ الْقِيمَةِ بَدَلاً مِنَ الْمَبِيعِ (٣) .


(١) المغني ٣ / ٥٠٩، مطالب أولي النهى ٣ / ٩٩، كشاف القناع ٣ / ٢٠٩.
(٢) الخرشي ٤ / ٣١، الحطاب ٤ / ٤٢٣، الدسوقي ٣ / ١٠٥.
(٣) البدائع ٥ / ٢٦٩ و ٢٧٢، فتح القدير ٥ / ١١٧، المبسوط ١٣ / ٤٤، المجموع ٩ / ٢١٩.