للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّزْوِيجِ لِتَأْخُذَ الْمَهْرَ (١) .

وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ إِنْ وَجَبَ الدَّيْنُ بِسَبَبٍ عَصَى بِهِ - كَإِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ عَمْدًا - وَجَبَ عَلَيْهِ الاِكْتِسَابُ، وَأُمِرَ بِهِ، وَلَوْ بِإِيجَارِ نَفْسِهِ، لأَِنَّ التَّوْبَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ عَلَى الرَّدِّ (٢) .

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَوَّارٍ الْعَنْبَرِيِّ وَإِسْحَاقَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ سُرَّقًا فِي دَيْنِهِ، وَكَانَ سُرَّقٌ رَجُلاً دَخَل الْمَدِينَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ وَرَاءَهُ مَالاً، فَدَايَنَهُ النَّاسُ، فَرَكِبَتْهُ دُيُونٌ وَلَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ مَالٌ، فَسَمَّاهُ سُرَّقًا، وَبَاعَهُ بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ (٣) ، وَالْحُرُّ لاَ يُبَاعُ، ثَبَتَ أَنَّهُ بَاعَ مَنَافِعَهُ وَلأَِنَّ الْمَنَافِعَ تَجْرِي مَجْرَى الأَْعْيَانِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَتَحْرِيمِ أَخْذِ الزَّكَاةِ وَثُبُوتِ الْغِنَى بِهَا، فَكَذَلِكَ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهَا، وَلأَِنَّ الإِْجَارَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَجَازَ إِجْبَارُهُ عَلَيْهَا كَبَيْعِ مَالِهِ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهَا.

وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ إِلاَّ مَنْ فِي كَسْبِهِ فَضْلٌ عَنْ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ يَمُونُهُ (٤) .


(١) الفتاوى الهندية ٥ / ٦٣، وتبيين الحقائق ٥ / ١٩٩، ومعين الحكام ٢٣٢، والشرح الصغير ٣ / ٣٥٩، ونهاية المحتاج ٤ / ٣١٩، والمغني ٤ / ٤٩٥.
(٢) نهاية المحتاج ٤ / ٣١٩ - ٣٢٠، ومغني المحتاج ٢ / ١٥٤.
(٣) حديث: " بيع النبي صلى الله عليه وسلم سرقا في دينه. . " أخرجه الحاكم (٢ / ٥٤) وصححه ووافقه الذهبي.
(٤) المغني ٤ / ٤٩٥، ٤٩٦.