للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي غَيْرِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، إِذْ قَالُوا: إِنَّ الأَْصْل يُرَجَّحُ جَزْمًا. وَضَابِطُهُ: أَنْ يُعَارِضَهُ احْتِمَالٌ مُجَرَّدٌ. وَمَا يُرَجَّحُ فِيهِ الظَّاهِرُ جَزْمًا، وَضَابِطُهُ: أَنْ يَسْتَنِدَ إِِلَى سَبَبٍ مَنْصُوبٍ شَرْعًا، كَالشَّهَادَةِ تُعَارِضُ الأَْصْل، وَالرِّوَايَةَ، وَالْيَدَ فِي الدَّعْوَى. وَإِِخْبَارُ الثِّقَةِ بِدُخُول الْوَقْتِ. وَمَا يُرَجَّحُ فِيهِ الأَْصْل عَلَى الظَّاهِرِ فِي الأَْصَحِّ، وَضَابِطُهُ: أَنْ يَسْتَنِدَ الاِحْتِمَال إِِلَى سَبَبٍ ضَعِيفٍ، وَمِثْلُهُ الشَّيْءُ الَّذِي لاَ يُتَيَقَّنُ بِنَجَاسَتِهِ، وَلَكِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ كَثِيَابِ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَالْقَصَّابِينَ، وَالْكُفَّارِ، وَأَوَانِيهِمْ. وَمَا يُتَرَجَّحُ فِيهِ الظَّاهِرُ عَلَى الأَْصْل، بِأَنْ كَانَ سَبَبًا قَوِيًّا مُنْضَبِطًا، كَمَنْ شَكَّ بَعْدَ الصَّلاَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ فِي تَرْكِ رُكْنٍ غَيْرِ النِّيَّةِ فَالْمَشْهُورُ لاَ يُؤَثِّرُ.

وَالْحَنَابِلَةُ يُقَدِّمُونَ كَغَيْرِهِمُ الظَّاهِرَ، الَّذِي هُوَ حُجَّةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا شَرْعًا، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الأَْصْل، وَإِِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، بِأَنْ كَانَ مُسْتَنِدًا إِِلَى الْعُرْفِ أَوِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ أَوِ الْقَرَائِنِ أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَتَارَةً يُعْمَل بِالأَْصْل وَلاَ يُلْتَفَتُ إِِلَى الظَّاهِرِ، وَتَارَةً يُعْمَل بِالظَّاهِرِ وَلاَ يُلْتَفَتُ إِِلَى الأَْصْل، وَتَارَةً يَخْرُجُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلاَفٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:

(١) مَا تُرِكَ فِيهِ الْعَمَل بِالأَْصْل لِلْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهِيَ قَوْل مَنْ يَجِبُ الْعَمَل بِقَوْلِهِ، كَشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِشَغْل ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذِهِ