للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٧ - اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَال حَاضِرًا، قَال الْكَاسَانِيُّ: إِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْحُضُورُ عِنْدَ الشِّرَاءِ لاَ عِنْدَ الْعَقْدِ لأَِنَّ هَذَا كَافٍ فِي حُصُول الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الاِتِّجَارُ ابْتِغَاءَ الرِّبْحِ: وَلِذَا فَالَّذِي يَدْفَعُ أَلْفًا إِلَى آخَرَ، عَلَى أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهَا مِثْلَهَا، وَيَتَّجِرَ وَيَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، يَكُونُ قَدْ عَاقَدَهُ عَقْدَ شَرِكَةٍ صَحِيحَةٍ، إِذَا فَعَل الآْخَرُ ذَلِكَ - وَإِنْ كَانَ هَذَا الآْخَرُ لاَ يَسْتَطِيعُ إِشْرَاكَهُ فِي الْخَسَارَةِ إِلاَّ إِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فَعَل مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.

هَكَذَا قَرَّرَهُ الْكَاسَانِيُّ، وَالْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ، وَجَارَاهُمَا ابْنُ عَابِدِينَ وَعِبَارَةُ الْهِنْدِيَّةِ، عَنِ الْخَانِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَال حَاضِرًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ عِنْدَ الشِّرَاءِ. فَلاَ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِمَالٍ غَائِبٍ فِي الْحَالَيْنِ: عِنْدَ الْعَقْدِ وَعِنْدَ الشِّرَاءِ (١) .

وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ حُضُورَ الْمَالَيْنِ عِنْدَ الْعَقْدِ قِيَاسًا لِذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَيَرَوْنَ أَنَّ حُضُورَ الْمَالَيْنِ عِنْدَ الْعَقْدِ هُوَ الَّذِي يُقَرِّرُ مَعْنَى الشَّرِكَةِ، إِذْ يُتِيحُ الشُّرُوعَ فِي تَصْرِيفِ أَعْمَالِهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَلاَ يَتَرَاخَى بِمَقْصُودِهَا، لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِذَا عُقِدَتِ الشَّرِكَةُ بِمَالٍ غَائِبٍ أَوْ دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ، وَأُحْضِرَ الْمَال وَشَرَعَ الشَّرِيكَانِ فِي


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٦٠، فتح القدير ٥ / ١٤، ٢٢، رد المحتار ٣ / ٣٥١، الفتاوى الهندية ٢ / ٣٠٦.