للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبُقْعَةِ، لأَِنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ عِلَّتُهَا ضَعْفُ الْخَلْقِ وَقُصُورُهُمْ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّ الْمَوْضِعِ، قَال فِي الْفَتْحِ: وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ كَوْنُ الْجِوَارِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ كَذَلِكَ يَعْنِي مَكْرُوهًا عِنْدَهُ، فَإِنَّ تَضَاعُفَ السَّيِّئَاتِ - أَوْ تَعَاظُمَهَا إِنْ فُقِدَ فِيهَا - فَمَخَافَةُ السَّآمَةِ وَقِلَّةِ الأَْدَبِ الْمُفْضِي إِلَى الإِْخْلاَل بِوُجُوبِ التَّوْقِيرِ وَالإِْجْلاَل قَائِمٌ، قَال بَعْضُهُمْ: وَهُوَ وَجِيهٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يُقَيَّدَ بِالْوُثُوقِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ مِنْ حَال النَّاسِ لاَ سِيَّمَا أَهْل هَذَا الزَّمَانِ.

وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ تُكْرَهُ الْمُجَاوَرَةُ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَكَذَا بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ لِمَنْ يَثِقُ بِنَفْسِهِ.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَاخْتَارَ فِي اللُّبَابِ: أَنَّ الْمُجَاوَرَةَ بِالْمَدِينَةِ أَفْضَل مِنْهَا بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: عَدَمُ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ أَفْضَل.

قَال مَالِكٌ: الْقَفْل أَيِ الرُّجُوعُ أَفْضَل مِنَ الْجِوَارِ (١) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِلَى اسْتِحْبَابِ الْمُجَاوَرَةِ بِالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْوُقُوعُ فِي الْمَحْظُورَاتِ، أَوْ أَنْ تَسْقُطَ حُرْمَتُهُمَا عِنْدَهُ، لِمَا وَرَدَ مِنْ مُضَاعَفَةِ الْعَمَل الصَّالِحِ فِيهِمَا كَحَدِيثِ: صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا


(١) الخرشي ٣ / ١٠٧، وحاشية العدوي ٢ / ٣٣.