للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَوْكِيل غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ مَعَ النَّهْيِ أَنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ. (١)

١١٧ - وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَوْكِيل الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ غَيْرَهُ عِنْدَ إِطْلاَقِ التَّوْكِيل:

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ أَنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ فِيهَا، لأَِنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْخُصُومَةِ فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَل بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ (٢) .

وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ مِمَّا يَلِيقُ أَنْ يَتَوَلاَّهَا الْوَكِيل بِنَفْسِهِ؛ فَأَمَّا إِذَا وَكَّلَهُ فِي أَمْرٍ لاَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُبَاشِرَهُ، أَوْ لاَ يُحْسِنُهُ، فَإِنَّهُ لَهُ أَنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ فِيهِ.

وَأَضَافَ الْمَالِكِيَّةُ قَيْدًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ لاَ تَكْثُرَ الْخُصُومَةُ الْمُوَكَّل بِهَا عَلَى الْوَكِيلِ، فَإِذَا كَثُرَتْ فَيُوَكِّل مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وُكِّل فِيهِ لِيُعِينَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ اسْتِقْلاَلاً.


(١) المبسوط للسرخسي ٩ / ١٠ ـ ١١، والحاوي للماوردي ٨ / ٢١٠ ـ ٢١١، والمغني مع الشرح ٥ / ٢١٥، وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٨٨.
(٢) حديث: لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض أخرجه البخاري (فتح الباري ١٣ / ١٥٧) ومسلم (٣ / ١٣٣٧) من حديث أم سلمة.