للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالأَْظْهَرُ أَنَّ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بَعِيدًا عَنْ مَكَّةَ هُوَ: مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، أَمَّا مَا دُونَهُ فَلاَ، إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَشْيِ " (١) يَعْنِي مَسَافَةَ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ. وَتُقَدَّرُ بِ (٨١) كِيلُو مِتْرٍ تَقْرِيبًا.

أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَهُوَ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ، وَهِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ عِنْدَهُمْ. وَتُقَدَّرُ عِنْدَهُمْ بِنَحْوِ الْمَسَافَةِ السَّابِقَةِ (٢) .

١٥ - وَقَدْ وَقَعَ الْخِلاَفُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي شَرْطِيَّةِ الزَّادِ وَآلَةِ الرُّكُوبِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ، وَكَانُوا يَرْكَبُونَ الدَّوَابَّ. لِذَلِكَ عَبَّرُوا بِقَوْلِهِمُ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ " وَهِيَ الْجَمَل الْمُعَدُّ لِلرُّكُوبِ لأَِنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِي زَمَانِهِمْ. وَهَذَا الْخِلاَفُ فِي أَمْرَيْنِ:

الأَْمْرُ الأَْوَّل: خَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ الْجُمْهُورَ فِي اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً فَقَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ إِذَا كَانَ صَحِيحَ الْبِنْيَةِ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ بِلاَ مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ، وَهُوَ يَمْلِكُ الزَّادَ.

وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (٣) .


(١) حاشية ابن عابدين: رد المحتار على الدر المختار ٢ / ١٩٥.
(٢) نهاية المحتاج للرملي ٢ / ٣٧٧، وحاشية الباجوري ١ / ٥٢٦، والمغني لابن قدامة ٣ / ٢٢١.
(٣) سورة آل عمران / ٩٧.