للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَنْعِهِ.

وَاسْتَدَلُّوا جَمِيعًا بِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَيْعِ وَالاِشْتِرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ (١) .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لاَ أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ. وَإِِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لاَ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ (٢)

وَقَدْ رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلاً (يُسَمَّى الْقَصِيرَ) يَبِيعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَال لَهُ: يَا هَذَا إِنَّ هَذَا سُوقُ الآْخِرَةِ فَإِِنْ أَرَدْتَ الْبَيْعَ فَاخْرُجْ إِِلَى سُوقِ الدُّنْيَا.

وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الْمَنْعِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِِلَى الْكَرَاهَةِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِِلَى التَّحْرِيمِ.

وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتَكِفِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، فَإِِنْ كَانَ


(١) حديث: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والاشتراء في المسجد " أخرجه الترمذي (٢ / ١٣٩ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر، وقال: حديث حسن.
(٢) حديث: " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع. . . " أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص ٢٢٠ - ط الرسالة) والحاكم (٢ / ٥٦ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.