للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِِنْ كَانَ مُحْتَاجًا لَهَا أَوْ قَلَّتْ قِيمَتُهَا فَلاَ تُبَاعُ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تُتْرَكُ لَهُ آلَةُ حِرْفَتِهِ وَلاَ تُبَاعُ.

وَلَمْ يُعْثَرْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَإِِذَا فُرِّقَ مَال الْمُفْلِسِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ، وَكَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ فَهَل يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى التَّكَسُّبِ أَوْ إِيجَارِ نَفْسِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ؟

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ يُلْزَمُ بِتَجْرٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ إِيجَارِ نَفْسِهِ لِتَوْفِيَةِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ مِنْ دُيُونِهِمْ، لأَِنَّ الدُّيُونَ إِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ لاَ بِبَدَنِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِِلَى مَيْسَرَةٍ (١) } ، وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً أُصِيبَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ (٢) ، وَلأَِنَّ هَذَا تَكَسُّبٌ لِلْمَال، فَلاَ يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، كَقَبُول الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. وَقَال اللَّخْمِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يُجْبَرُ الصَّانِعُ - لاَ التَّاجِرُ - عَلَى الْعَمَل إِنْ كَانَ غُرَمَاؤُهُ قَدْ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ (٣) .


(١) سورة البقرة / ٢٨٠.
(٢) حديث: " تصدقوا عليه " أخرجه مسلم (٣ / ١١٩١ - ط الحلبي) .
(٣) الزيلعي ٥ / ١٩٩، ومنح الجليل ٣ / ١٣١، ونهاية المحتاج ٤ / ٣١٩ وأسنى المطالب ٢ / ١٩٣، والمغني ٤ / ٤٩٣ - ٤٩٤.