للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إِتْيَانَهُ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا آخَرَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَعَلَيْهِ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ: (الْحَجُّ أَوِ الْعُمْرَةُ) لأَِنَّهُ قَدْ تُعُورِفَ إِيجَابُ النُّسُكِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَكَانَ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ.

وَلِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أُخْتِ عُقْبَةَ أَنَّهَا نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَمْشِيَ وَتَرْكَبَ. (١) وَكَذَا إِذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إِِلَى مَكَّةَ أَوْ إِِلَى الْكَعْبَةِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ إِِلَى بَيْتِ اللَّهِ (٢) .

أَمَّا إِذَا نَذَرَ الإِِْتْيَانَ أَوِ الْمَشْيَ إِِلَى الْحَرَمِ أَوِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ نَوَى بِبَيْتِ اللَّهِ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَوِ الْمَسْجِدَ الأَْقْصَى، أَوْ سَائِرَ الْمَسَاجِدِ فَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ:

قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ قَال: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِِلَى الْحَرَمِ أَوِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ الْعُرْفِ فِي الْتِزَامِ النُّسُكِ بِهِ. وَقَال الصَّاحِبَانِ: يَلْزَمُهُ النُّسُكُ أَخْذًا بِالاِحْتِيَاطِ لأَِنَّهُ لاَ يُتَوَصَّل إِِلَى الْحَرَمِ وَلاَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلاَّ بِالإِِْحْرَامِ فَكَانَ بِذَلِكَ مُلْتَزِمًا لِلإِِْحْرَامِ، وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ (بَيْتَ اللَّهِ) مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ أَوْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَوْ مَسْجِدًا غَيْرَهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، لأَِنَّ


(١) حديث " أخت عقبة بن عامر. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ٧٩ - ط السلفية) ، ومسلم (٥ / ٧٩ - الحلبي) .
(٢) فتح القدير ٣ / ٨٨، وابن عابدين ٢ / ١٥٣، وجواهر الإكليل ١ / ٢٤٦، ومغني المحتاج ٤ / ٣٦٢، والمغني لابن قدامة ٩ / ١٥ - ١٦.