للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لأَِهْل مَكَّةَ (١) وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ يَحِل صَيْدُهَا وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا (٢) .

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: لَيْسَ لِلْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ حَرَمٌ، وَلاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا. وَإِِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ بَقَاءَ زِينَتِهَا، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَهْدِمُوا الآْطَامَ فَإِِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ (٣) .

وَيَدُل عَلَى حِل صَيْدِهَا حَدِيثُ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ، قَال أَحْسَبُهُ فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَال: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ؟ (٤) وَنُغَيْرٌ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ طَائِرٌ صَغِيرٌ كَانَ يُلْعَبُ بِهِ (٥) .


(١) حديث: " إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم. . . " أخرجه مسلم (٢ / ٩٩١ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.
(٢) الشرح الصغير ٢ / ١١١١، ومغني المحتاج ١ / ٥٢٩، والمغني لابن قدامة ٣ / ٣٥٣ - ٣٥٥.
(٣) حديث: " لا تهدموا الأطام فإنها زينة المدينة ". أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤ / ١٩٤ - ط مطبعة الأنوار المحمدية بمصر) . من حديث عبد الله بن عمر.
(٤) حديث: " يا أبا عمير، ما فعل النغير ". أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٥٢٦ - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(٥) حاشية ابن عابدين ٢ / ٢٥٦.