للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمُسْلِمِينَ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّضْيِيقِ فِي أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَاسْتِوَاءِ النَّاسِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهَذِهِ الْمَحَال.

وَقَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَيَنْبَغِي إِلْحَاقُ الْمُحَصَّبِ بِذَلِكَ لأَِنَّهُ يُسَنُّ لِلْحَجِيجِ الْمَبِيتُ بِهِ. وَقَال الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: لَيْسَ الْمُحَصَّبُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ. فَمَنْ أَحْيَا شَيْئًا مِنْهُ مَلَكَهُ (١) .

١٧ - وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الأَْرْضَ الْمُحَجَّرَةَ لاَ يَجُوزُ إِحْيَاؤُهَا؛ لأَِنَّ مَنْ حَجَّرَهَا أَوْلَى بِالاِنْتِفَاعِ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ.

فَإِنْ أَهْمَلَهَا فَلِفُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ تَفْصِيلاَتٌ: فَالْحَنَفِيَّةُ وَضَعُوا مُدَّةً قُصْوَى لِلاِخْتِصَاصِ الْحَاصِل بِالتَّحْجِيرِ هِيَ ثَلاَثُ سَنَوَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِإِحْيَائِهَا أَخَذَهَا الإِْمَامُ وَدَفَعَهَا إِلَى غَيْرِهِ. وَالتَّقْدِيرُ بِذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ، فَإِنَّهُ قَال: لَيْسَ لِمُتَحَجِّرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ حَقٌّ (٢) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَهْمَل الأَْرْضَ الَّتِي حَجَّرَهَا بِأَنْ لَمْ يَعْمَل فِيهَا، مَعَ قُوَّتِهِ عَلَى الْعَمَل مِنْ ذَلِكَ الْحِينِ إِلَى ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ، فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، عَمَلاً بِالأَْثَرِ السَّابِقِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا التَّحَجُّرَ إِحْيَاءً إِلاَّ إِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِاعْتِبَارِهِ كَذَلِكَ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ التَّحْجِيرَ بِلاَ عَمَلٍ لاَ يُفِيدُ، وَأَنَّ الْحَقَّ لِمَنْ أَحْيَا تِلْكَ


(١) كشاف القناع ٤ / ١٥٨، ومطالب أولي النهى ٤ / ١٨٠، شرح المنهاج للمحلي بهامش القليوبي وعميرة ٣ / ٩٠
(٢) والأثر عن عمر رواه أبو يوسف في كتاب الخراج عن الحسن بن عمارة عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال عمر: من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمتحجر حق بعد ثلاث سنين، وإسناده واه (الدراية ٢ / ٢٤٥) وانظر ابن عابدين ٥ / ٢٨٢ ط بولاق، والفتاوى الهندية ٥ / ٣٨٦،٣٨٧