للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْوَدِيعَةَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا صَال فَحْلٌ عَلَى مُسْلِمٍ فَإِِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ وَإِِنْ أَدَّى إِِلَى قَتْلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِل هُوَ أَوِ الَّذِي صَال عَلَيْهِ الْفَحْل، أَوْ مُعَيَّنًا لَهُ مِنَ الْخَلْقِ وَلاَ ضَمَانَ، لأَِنَّ دَفْعَهُ فَرْضٌ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ فَنَابَ عَنْهُمْ فِيهِ (١) .

الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: الإِِْنْكَارُ بِالْقَلْبِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ وَلاَ يَسْقُطُ أَصْلاً، إِذْ هُوَ كَرَاهَةُ الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ. وَقَال الإِِْمَامُ أَحْمَدُ: إِنَّ تَرْكَ الإِِْنْكَارِ بِالْقَلْبِ كُفْرٌ لِحَدِيثِ وَهُوَ أَضْعَفُ الإِِْيمَانِ الَّذِي يَدُل عَلَى وُجُوبِ إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِ الإِِْمْكَانِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَالإِِْنْكَارُ بِالْقَلْبِ لاَ بُدَّ مِنْهُ فَمَنْ لَمْ يُنْكِرْ قَلْبُهُ الْمُنْكَرَ دَل عَلَى ذَهَابِ الإِِْيمَانِ مِنْ قَلْبِهِ (٢) .

وَقَدِ اسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أَمَةٌ يَدْعُونَ إِِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٣) .

وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ الْخِطَابَ مُوَجَّهٌ إِِلَى الْكُل مَعَ إِسْنَادِ الدَّعْوَةِ إِِلَى الْبَعْضِ بِمَا يُحَقِّقُ


(١) نصاب الاحتساب ٢٥، وأحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٩٣، وأحكام القرآن لإلكيا الهراسي ٢ / ٦٢.
(٢) الفواكه الدواني ٢ / ٣٩٤، والزواجر ٢ / ١٧٠، وغذاء الألباب ١ / ١٩٤، ١٩٥، نصاب الاحتساب ١٨٠، ١٨٣.
(٣) سورة آل عمران / ١٠٤.