للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسِي، فَإِِنَّ جِدَال الضَّال وَكَفَّ بَأْسِ الْمُضِل لاَ يَسْتَطِيعُهُمَا إِلاَّ ذُو بَصِيرَةٍ وَحِكْمَةٍ وَبَيَانٍ.

وَلِمَنْعِ هَذَا شُرِعَتِ الدَّيَّانَاتُ، وَقَامَتِ النُّبُوَّاتُ وَظَهَرَتِ الرِّسَالاَتُ آمِرَةً بِالْمَعْرُوفِ، وَنَاهِيَةً عَنِ الْمُنْكَرِ، لِيَكُونَ الأَْمْنُ وَالسَّلاَمُ، وَالاِسْتِقْرَارُ وَالنِّظَامُ، وَصَلاَحُ الْعِبَادِ وَالنَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ. قَال تَعَالَى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (١) .

وَمِنْ هَذَا كَانَ الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ سَبِيل النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَطَرِيقَ الْمُرْشِدِينَ. الصَّادِقِينَ، وَمِنْهَاجَ الْهَادِينَ الصَّالِحِينَ، وَكَانَ أَمْرًا مُتَّبَعًا وَشَرِيعَةً ضَرُورِيَّةً وَمَذْهَبًا وَاجِبًا، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَسُمِّيَتْ بِاسْمِ " الْحِسْبَةِ " أَوْ بِاسْمٍ آخَرَ كَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ صَارَتْ بِسَبَبِهَا هَذِهِ الأُْمَّةُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قَال تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ} (٢) .

وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآْيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَل إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (٣) فَتَضَعُونَهَا


(١) سورة الأعراف / ١٦٥.
(٢) سورة آل عمران / ١١٠.
(٣) سورة المائدة / ١٠٥.