للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ الْعُرْفِيِّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الاِجْتِهَادَ الْعُرْفِيَّ مَا ثَبَتَ حُكْمُهُ بِالْعُرْفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} (١) . وَالاِجْتِهَادُ الشَّرْعِيُّ مَا رُوعِيَ فِيهِ أَصْلٌ ثَبَتَ حُكْمُهُ الشَّرْعِيُّ.

وَذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ الإِِْصْطَخْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِِلَى اشْتِرَاطِ الاِجْتِهَادِ الشَّرْعِيِّ فِي الْمُحْتَسِبِ لِيَجْتَهِدَ بِرَأْيِهِ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ. وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلاَفِ فِي أَنَّ مَنِ اشْتَرَطَ فِيهِ بُلُوغَهُ مَرْتَبَةَ الاِجْتِهَادِ فِي الْمَسَائِل الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَقَدْ ذَهَبَ إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ حَمْل النَّاسِ عَلَى رَأْيِهِ (٢) .

وَلاَ يُنْكِرُ الْمُحْتَسِبُ إِلاَّ مُجْمَعًا عَلَى إِنْكَارِهِ أَوْ مَا يَرَى الْفَاعِل تَحْرِيمَهُ، أَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَإِِنْكَارُهُ يَكُونُ عَلَى سَبِيل النَّدْبِ عَلَى وَجْهِ النَّصِيحَةِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْخِلاَفِ إِنْ لَمْ يَقَعْ فِي خِلاَفٍ آخَرَ وَتَرْكِ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لاِتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلاَفِ (٣) .


(١) سورة الأعراف / ١٩٩.
(٢) تحفة الناظر ص ٧، ومعالم القربة ص ٨، والزواجر ٢ / ١٦٨، ١٦٩، الأحكام السلطانية للماوردي ص ٤١، وشرح النووي على مسلم ٢ / ٢٤.
(٣) الزواجر ٢ / ١٦٩، وإحياء علوم الدين ٢ / ٤٠٩، والآداب الشرعية ١ / ١٨٢، ١٩١، غذاء الألباب ١ / ١٩٠، والفروق ٤ / ٢٥٧.