للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَكُونُ مُصِرًّا عَلَى الصَّغَائِرِ، وَيَكُونُ صَلاَحُهُ أَكْثَر مِنْ فَسَادِهِ، وَصَوَابُهُ أَكْثَر مِنْ خَطَئِهِ، وَيَسْتَعْمِل الصِّدْقَ دِيَانَةً وَمُرُوءَةً وَيَجْتَنِبُ الْكَذِبَ دِيَانَةً وَمُرُوءَةً.

وَلَمْ يَشْتَرِطْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ تَحَقُّقَ الْعَدَالَةِ فِي الْمُحْتَسِبِ إِذَا كَانَ مُتَطَوِّعًا غَيْرَ صَاحِبِ وِلاَيَةٍ، وَاشْتَرَطُوهَا فِي صَاحِبِ الْوِلاَيَةِ إِلاَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِمَا سَيَأْتِي (١) :

أَمَّا وَجْهُ عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا فِي الأَْوَّل، فَلأَِنَّ الأَْدِلَّةَ تَشْمَل الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَإِِنَّ تَرْكَ الإِِْنْسَانِ لِبَعْضِ الْفُرُوضِ لاَ يُسْقِطُ عَنْهُ فُرُوضًا غَيْرَهَا، فَمَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ لاَ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الصَّوْمِ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ، فَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَفْعَل سَائِرَ الْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَنْتَهِ عَنْ سَائِرِ الْمُنْكَرِ، فَإِِنَّ فَرْضَ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ غَيْرُ سَاقِطٍ عَنْهُ، وَإِنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْرَى فَرْضَ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ مَجْرَى سَائِرِ الْفُرُوضِ فِي لُزُومِ الْقِيَامِ بِهِ مَعَ التَّقْصِيرِ فِي بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ (٢) . فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَإِِنْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِِنْ لَمْ تَجْتَنِبُوهُ كُلَّهُ (٣) .


(١) شرح أدب القاضي للصدر الشهيد ٣ / ٨.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ٣٢٠.
(٣) حديث: " مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به. . . " أورده الهيثمي في المجمع (٧ / ٢٧٧ - ط القدسي) ، وقال: " رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب عن أبيه، وهما ضعيفان ".