للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا نَهَى قَوْمَهُ عَنْ بَخْسِ الْمَوَازِينِ وَنَقْصِ الْمَكَايِيل: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (١) وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ قُلْتُ: مَا هَؤُلاَءِ؟ قَال: هَؤُلاَءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ مِنْ أَهْل الدُّنْيَا، كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ (٢)

أَمَّا وَجْهُ الاِشْتِرَاطِ فِي صَاحِبِ الْوِلاَيَةِ، فَلأَِنَّهُ كَمَا قَال صَاحِبُ تُحْفَةِ النَّاظِرِ: إِنَّ وِلاَيَةَ الْحِسْبَةِ مِنْ أَشْرَفِ الْوِلاَيَاتِ فِي الإِِْسْلاَمِ قَدْرًا، وَأَعْظَمِهَا فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ مَكَانَةً وَفَخْرًا، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيهَا مُتَوَفِّرَةً فِيهِ شُرُوطُ الْوِلاَيَةِ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَلِيَهَا إِلاَّ مَنْ طَالَتْ يَدُهُ فِي الْكَمَالاَتِ وَبَرَزَ فِي الْخَيْرِ وَأَحْرَزَ أَوْصَافَهُ الْمَرَضِيَّةَ، وَلاَ تَنْعَقِدُ لِمَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ الشُّرُوطُ، لأَِنَّ مِنْ شَرَفِ مَنْزِلَةِ مَنْ تَوَلاَّهَا أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَى أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَعَلَى قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ (٣) .

وَلأَِنَّ سَبِيل عَقْدِ الْوِلاَيَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ لِمَنْ قَامَ بِهَا وَصْفُ فِسْقٍ وَفَقْدُ عَدَالَةٍ، إِذِ الْعَدَالَةُ مُشْتَرَطَةٌ فِي سَائِرِ الْوِلاَيَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، كَالإِِْمَامَةِ


(١) سورة هود / ٨٨.
(٢) حديث: " مررت ليلة أسري بي. . . " أخرجه أحمد (٣ / ١٨٠ - ط الميمنية) وهو صحيح لطرقه.
(٣) تحفة الناظر ١٧٦.