للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ بِأَصْحَابِ الْوِلاَيَاتِ مِنَ الأَْئِمَّةِ، وَالْوُلاَةِ، وَالْقُضَاةِ، وَسَائِرِ الْحُكَّامِ، فَإِِنَّهُمْ مُتَمَكِّنُونَ بِعُلُوِّ الْيَدِ وَامْتِثَال الأَْمْرِ، وَوُجُوبِ الطَّاعَةِ، وَانْبِسَاطِ الْوِلاَيَةِ يَدُل عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَْرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} (١) .

فَإِِنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَامِ بِذَلِكَ مَا يَدْعُو إِِلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ مِمَّا لاَ يَفْعَلُهُ إِلاَّ الْوُلاَةُ وَالْحَاكِمُ فَلاَ عُذْرَ لِمَنْ قَصَّرَ مِنْهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، لأَِنَّهُ إِذَا أَهْمَل هَؤُلاَءِ الْقِيَامَ بِذَلِكَ فَجَدِيرٌ أَلاَ يَقْدِرَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ مِنْ رَعِيَّتِهِمْ، فَيُوشِكُ أَنْ تَضِيعَ حُرُمَاتُ الدِّينِ وَيُسْتَبَاحَ حِمَى الشَّرْعِ وَالْمُسْلِمِينَ (٢) .

وَلَمَّا كَانَتْ وِلاَيَةُ الْحِسْبَةِ مِنَ الْوِلاَيَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ مِنْ وَظَائِفِ الإِِْمَامِ وَتَفْوِيضِهِ إِِلَى غَيْرِهِ مِنْ قَبِيل الاِسْتِنَابَةِ، وَيَقُومُ بِهَا نِيَابَةً عَنْهُ (٣) وَطَبِيعَتُهَا تَقُومُ عَلَى الرَّهْبَةِ، وَاسْتِطَالَةِ الْحُمَاةِ، وَسَلاَطَةِ السَّلْطَنَةِ، وَاِتِّخَاذِ الأَْعْوَانِ، كَانَ الْقِيَامُ بِالْحِسْبَةِ فِي حَقِّهِ مِنْ فَرَائِضِ الأَْعْيَانِ الَّتِي لاَ تَسْقُطُ عَنْهُ بِحَالٍ، بِخِلاَفِ الآْحَادِ فَإِِنَّهُ لاَ تَلْزَمُهُمُ الْحِسْبَةُ


(١) سورة الحج / ٤١.
(٢) تحفة الناظر ص ٤.
(٣) الحاوي للفتاوى ١ / ٢٤٨.