للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعُمَّال وَالْوُلاَةِ، لأَِنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِذَلِكَ يُضَيِّعُ عَلَيْهِمُ الزَّمَانَ فِي شَأْنِهِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَعَايِشِهِمْ وَطَلَبِ أَقْوَاتِهِمْ (١) . وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُحْتَسِبِ وَلاَ لأَِحَدٍ مِنْ أَعْوَانِهِ أَخْذُ الْمَال مِنَ النَّاسِ لأَِجْل الاِحْتِسَابِ، لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل الرِّشْوَةِ، وَهِيَ حَرَامٌ شَرْعًا، لأَِنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُحْتَسِبُ يُنْظَرُ فِيهِ، إِنْ أَخَذَهُ لِيُسَامِحَ فِي مُنْكَرٍ، أَوْ يُدَاهِنَ فِيهِ، أَوْ يُقَصِّرَ فِي مَعْرُوفٍ، فَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الرِّشْوَةِ وَإِنَّهَا حَرَامٌ (٢) وَإِِذَا جُعِل لِمَنْ وَلِيَ فِي السُّوقِ شَيْءٌ مِنْ أَهْل السُّوقِ فِيمَا يَشْتَرُونَهُ سَامَحَهُمْ فِي الْفَسَادِ بِمَا لَهُ مَعَهُمْ فِيهِ مِنَ النَّصِيبِ (٣) ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَال أَوْ كَانَ لاَ يَكْفِيهِمْ فَإِِنَّهُ رُبَّمَا يُرَخِّصُ لَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِمْ، لأَِنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لَهُمْ، فَيَأْخُذُونَ كِفَايَتَهُمْ (٤) ، أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلاَ تَجُوزُ، لأَِنَّهُ مَالٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُسْلِمِ قَهْرًا وَغَلَبَةً بِغَيْرِ رِضَاهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٥) وَقَدْ شَدَّدَ الْعُلَمَاءُ النَّكِيرَ عَلَى أَخْذِ الْمَال مِنَ النَّاسِ بِدُونِ وَجْهِ حَقٍّ.

وَالأَْرْزَاقُ لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ الْبَتَّةَ لِجَوَازِهَا فِي أَضْيَقِ الْمَوَاضِعِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْمُعَاوَضَةِ، وَهُوَ الْقَضَاءُ


(١) تحفة الناظر ١٦، ١٧.
(٢) نصاب الاحتساب ١٣٥، ١٣٦، معالم القربة ١٣، ١٤.
(٣) تحفة الناظر ١٧.
(٤) نصاب الاحتساب ١٣٤.
(٥) سورة النساء / ٢٩.